كيف بدأ طبخ الطعام؟
الطبخ اليوم فن قائم بذاته، وهناك آلاف الكتب حول فن الطبخ فضلا عن المطاعم الشهيرة والأساليب العديدة وملايين الناس الذين يفاخرون ببراعتهم في الطبخ.
لكن مر زمن كان الإنسان يأكل فيه طعامه نيئا، وبعد اكتشاف النار لم يبدأ الطبخ حقا، كان الإنسان يكتفي بإلقاء طريدته في النار أو فوق الجمر المشتعل.
ولم يتعلم كيف يصنع حفرة بالحجارة، أو ما يشبه التنور، إلا تدريجيا كان الطبخ اجمالا يقوم على الشي فوق نار مكشوفة، ثم جاءت الخطوة الثانية وهي صنع سطوح من الصلصال او الفخار تطورت الى القدور، واكتشف الانسان ان الطبخ لا يجعل الطعام اشهى وحسب، بل يجعله اكثر طراوة يسهل مضغه.
لما وصل الإنسان الى مرحلة الحضارة المصرية كان الطبخ قد تطور تطورا كبيرا الى درجة إنشاء مخابز عامة تخبز للناس.
وقد وعى الإنسان منذ خمسة آلاف سنة ان الفاصل بين الحياة البدائية والحياة المدنية يتمثل في الانتقال من اكل الطعام النيء إلى أكل المطبوخ. نجد هذا في ملحمة جلجامش ذات الاصل السومري. في هذه الملحمة تعلم امرأة «انكيدو» ربيب الوحوش كيف يأكل الخبز بدل اعشاب البرويشرب الشراب القوي بدل ان يرد المياه مع الحيوان، وكيف يلبس القماش بدل جلود الحيوان، وهي تريد بذلك ان تنقله من حياته الوحشية الى حياة المدنية.
مع الحضارة اليونانية تقدم فن الطبخ، ولما جاء الرومان ورثة الحضارة اليونانية غالوا في الاهتمام بالأطعمة الراقية وتلاقت فنون الفرس والهند والبيزنطيين والعرب والمصريين، وبلغ الطبخ في العصر العباسي درجة كبيرة من التعقيد والترف. حتى ان بعض الكتاب والشعراء قد تفننوا في وصف الأطايب، كما فعل ابن الرومي في وصف القطايف مثلا، والجاحظ في وصف المضيرة، وغيرهما. واليوم يتصدر المطبخ الصيني البالغ الترف والتعقيد والدقة فن الطبخ في العالم، وفي العالم العربي اتجاهات في الطبخ، فالطبخ العربي المغربي يختلف عن المشرقي، لكن لا يقل عنه أهمية، إن لم يتجاوزه في بعض الجوانب.
وفي أوروبا انحط الطبخ اثناء العصور الوسطى ولم يعد الطعام الجيد مستمرا إلا في الاديرة فلما عاد وتقدم مع عصر النهضة تم ذلك في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، فالطبخ في هذه البلدان اشهى بكثير مما هو في انجلترا وألمانيا وأميركا الشمالية. الغريب في مسألة تطور الطبخ ان الانسان القديم قد عرف العمليات الأساسية في الطبخ وإن لم يكن طبخه يتمتع بالترف والدقة، عرف عمليات الشي والسلق والتبخير والتدخين والتجفيف والإنضاج الهادئ ولعل القلي هو العملية الوحيدة التي فاتته. هذا، وينبغي الإشارة الى ان الطبخ يجعل الطعام اسهل هضما ويخلصه من البكتيريا والطفيليات التي يمكنها ان تلحق الاذى بالإنسان.
(من كتاب: الموسوعة العلمية المبسطة)