انتقام القطط
يعتبر الطاعون أو الموت الأسود أفظع الأوبئة التي فتكت بالإنسانية عبر تاريخها.
ويمكن القول ان الطاعون هو المسؤول الأول عن أكبر مذبحة بشرية في التاريخ.
وقد انتشرت شائعات تقول ان القطط هي مصدر هذا الوباء.
وفي تلك العصور الوسطى المظلمة التي شهدت تفشي الوباء كانت هذه الشائعات تنطلق بقوة، لدرجة انها لم تسمح بوجود مكان للعلم او المنطق.
ومن ثم وتأثرا بهذه الشائعات فقد تم ذبح جميع قطط المنازل في أنحاء أوروبا.
ولكن ما حدث بالفعل هو ان الوباء تفشى بقوة بعد ذبح القطط.
فقد أدى ذبح عشرات الآلاف من القطط، الى تنامي وانتشار الفئران التي ثبت انها هي الناقلة للوباء وليس القطط.
وكانت النتيجة الكارثية تفشي هذا الوباء وأوبئة أخرى، وتفشي وتغول شتى أنواع الحشرات التي كانت تتخلص منها القطط.
وهناك تقديرات بأن نحو نصف سكان القارة الأوروبية إما ماتوا او اصيبوا بأوبئة مميتة من جراء هذا الخطأ القاتل، الذي جعل الموت الأسود يجتاح أنحاء أوروبا بين عامي 1347 و1352 وتسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة.
وانتشرت أوبئة مشابهة في الوقت نفسه في آسيا والشرق الأدنى، مما يوحي بأن هذا الوباء الأوروبي كان جزءا من وباء عالمي أوسع نطاقا.
وسبب الطاعون نوعا من البكتيريا تسمى يرسينيا بستس نسبة الى مكتشفها الاول اليكساندر بستس، وهذه البكتيريا تحتفظ بها القوارض مثل الفئران، وتتكاثر بداخلها وتنمو، وتنتقل عدواها الى الإنسان عن طريق البراغيث التي تلدغ الفأر المعدي ثم تلدغ الإنسان، او نتيجة عض الفئران المعدية للإنسان بشكل مباشر، او من إنسان الى آخر بشكل مباشر ايضا عن طريق الرذاذ والسعال والعطس في حالة الطاعون الرئوي.
(من كتاب: ١٠٠ خطأ غيرت مجرى التاريخ ـ بيل فاوستا ـ إعداد: مجدي كامل)