ميكائيل فراداي
عالم فيزيائي فرنسي، ولد عام 1791، وتوفي عام 1867، هو الذي تنطبق عليه بحق كلمة عبقري، فهو، من دون أن يدرس دراسات معمقة، صار أحد عمالقة الفيزياء، الأكثر خيالا، بقليل من المعارف الرياضية صار المؤسس الحقيقي لما نسميه المجال الكهربائي باكتشافه مفهوم الحقل «الكهربائي والمغناطيسي»، الحقل الكهربائي هو فضاء توجد ضمنه قوة شديدة قادرة على ان تؤثر في شحنة كهربائية قد تكون متواجدة، هذه القوة لا تتظاهر إلا إذا أدخلت بالفعل شحنة كهربائية، ولكنها مستترة موجودة وجاهزة للتظاهر، وهذه الفكرة ـ الحقل ـ ستطبق على كل القوى عن بعد، سواء كانت القوى المغناطيسية أو الثقالية، بل انها صارت مركزية في الفيزياء، وترجمت رياضيا من قبل ماكسويل، ولكن المبدأ النظري الأساسي يعود الى فراداي.
المساهمة الرئيسية الثانية لفراداي تعود لكونه الأول الذي صنّع مولدا كهربائيا حديثا، وأقوى محرك كهربائي، إنه المؤسس لعصر الكهرباء والثورة الكهربائية، قبل ذلك كانت الكهرباء تولد بآلة ساكنة ـ بالاحتكاك ـ ثم ظهرت البطارية الكهربائية لأليساندرو فولتا، وجمعها على التسلسل أو التفرع، أما آلة فراداي فإنها تقوم على دوران وشيعة كهربائية في حقل مغناطيسي يولد تيارا، ولما زار الوزير غلادستون مخبر فراداي وأجروا له الاختبار سألهم قائلا: وما فائدة ذلك؟ سؤال عادي لوزير ليس بعلمي! فكان الجواب: اطمئن أيها السيد الوزير فسنتمكن من جني ضرائب كثيرة من هذا الاكتشاف.
ابتداء من ذلك درس فراداي المواد القادرة على نقل الكهرباء فميز بين المواد الصلبة الناقلة من غير الناقلة، ودرس الناقلية في السوائل وتبين له ان السويدي برزيليوي اكتشف بشكل مستقل عنه قوانين التحليل الكهربائي، وبدأ اختبارات على التفريغ الكهربائي في الغازات المخلخلة التي ستكون الأساس للثورة الذرية.
شغل فراداي موقعا في معهد المؤسسة الملكية لتطوير العلم وجعله معروفا، وكان يعطي فيه محاضرات في عيد الميلاد حيث تتبعه كل لندن، لقد كان تربويا استثنائيا، ولكن لم يكن له طلاب بل يمكن القول ان العالم كله كان طلبته.
فراداي هو أسطورة، والفرنسيون الذين لا يعجبون إلا بالمتألقين في الرياضيات لا يعرفونه دوما، وماكسويل الذي حقق التركيب الرياضي للكهرباء المغناطيسية قال: لم أود دراسة القضايا الرياضية للكهرباء قبل استيعاب اكتشافات فراداي، إذ انها هي التي تحوي الحقيقة.
(من كتاب: أعلام ومفاهيم ـ د.أحمد بلال)