متى بدأ تصنيع الطحين؟
تبدأ قصة الطحين منذ ما قبل بزوغ فجر الحضارة، إذ كانت الحبوب والقمح بشكل خاص من أقدم المواد الغذائية التي اكتشفها الإنسان، ولذلك من المحتمل ان تكون عملية تحويل القمح الى طحين من أقدم الصناعات الإنسانية.
الدقيق هو مادة غذائية تستخرج من لب القمح. تلف حبة القمح من الخارج قشرة جافة وتوجد في غلافها الداخلي طبقة بنية اللون تسمى النخالة، أما الخلايا الداخلية فهي بيضاء اللون وهي تشكل العناصر الغذائية المتكاملة وأهمها النشاء والبروتين. ولعل الإنسان البدائي في الأزمنة القديمة السابقة لظهور الحضارات كان يتغذى بسنابل القمح التي يمضغها ويلوكها دون اي تحضير او تهيئة، وربما كان يأكلها وهي في الحقول قبل نقلها، لكنه استساغ بعد التجارب الحبوب المشوية، إن شي الحبوب قاده الى فكرة الطحن لأن ذلك يسهل مضغ القمح فعمد الى دق القمح بواسطة حجر أملس لكي ينفصل القشر عن اللب. ويستمر في عملية الطحن حتى يتحول القمح الى دقيق ابيض، وشيئا فشيئا اثر احتكاك الحجر على البلاطة السُّفلى تجوَّفت تلك الأرضية الصلبة مع مرور الزمن، وأصبحت مجوفة كالجرن.
وهذا ما أوحى للإنسان بفكرة طحن القمح بدل دقه، وبطريقة بدائية تلقائية بدأ يسحب الحجر الصغير داخل التجويف الأسفل بحركة دائرية على المحور ذاته، وكانت هذه خطوة الإنسان الثانية في صناعة الدقيق.
اخترع الإنسان في حوالي عام 200 قبل الميلاد اول آلة لسحق القمح وقد سميت طاحونة أو رحى، وحجرها الأعلى مثقوب كي يملأ بالقمح دون توقف عملية الطحن، وتدار الرحى باليد بواسطة وتد خشبي في ثقب عند طرف الحجر الأعلى. أما الطبقة السفلى فيتسرب القمح من جوانبها بعد طحنه.
كانت كل أسرة تقتني طاحونة او رحى خاصة بها. بعد ذلك احتكرت الدولة هذه المطاحن اليدوية، هذا وكانت روما هي البادئة في اقتناء المطاحن التجارية ضمن قوانين تعسفية حددت أعمال أصحابها.
صنعت أول مطحنة مائية عام 100 قبل الميلاد اذ استبدلت طاقة الإنسان بالطاقة المائية. اما في القرون الوسطى فقد توصل الإنسان الى بناء مطاحن الهواء التي استعملتها هولندا قبل غيرها من بلدان العالم.
أما الخطوة التالية في تطوير صناعة الدقيق فقد كانت الاستعاضة عن الماء والهواء والإنسان. وكان ذلك بإدخال الآلة الى حياتنا وأصبح الدقيق متوافرا بعد استعمال المحركات الكهربائية في كل مكان.
(من كتاب: غرائب الاختراعات والاكتشافات)