كارثة الغزو العراقي الغاشم عصية علينا نسيانها والتي مضى عليها ثلاثون عاما، زمن تعيس عشناه وذقنا مرارته وقسوته في الثاني من أغسطس سنة 1990م بدخول جحافل من الجيش العراقي الأرعن بقياداتهم المدججة بالسلاح والعتاد ليغزو جارا عربيا مسلما.
وفي جنح الظلام بغتة دون خجل ووجل وفعل الدناءة والتآمر والخيانة وبعيدة كل البعد عن الأعراف والأصول والنخوة العربية واحترام قيم الجوار وبتصرفات طائشة من قبل رئيسهم السابق بقراراته المتهورة والجنونية وما نتج عنها من كوارث أليمة وجروح نفسية وجسدية صعب على النفس نسيانها وتدمير البنية التحتية لدولتي الغالية الكويت وسرقتها وتخريبها واستباحة أراضيها وطمس الحقائق والتعدي على ثوابت التاريخ قد تثير العجب بأهدافه العدوانية ونسف كل المواثيق والاتفاقيات الدولية وخلق واقعا مريرا وكأننا في عصور الغاب والقرون القديمة والجاهلية وهو شخصية مسكونة بداء العظمة ويعتمد على الفكر الواحد ومحدودية ثقافته السياسية وجاهل بالوضع العالمي بسرقة الأراضي الكويتية وهي مرتكزة على الشرعية القانونية وتحكمه الشرائع والأنظمة الدولية وقرارات مجلس الأمن التي هي أساس الاستقرار العالمي في احترام الحدود بين الدول وغاب عن وعيه واستخف بشرعية الكويت التاريخية ومكانة وحدتها الوطنية وعمق جذورها وتمسك شعبها بقيادتها ورموزها واعتزاز الشعب الكويتي بأرض أجداده وآبائه وما سطروه من ملاحم كفاحهم والبحث المستمر في سبيل العيش الكريم في زمن ضنك الحياة في أرض صحراوية جرداء فاحلة معتمدين على البحر في معيشتهم ممتهنين مهنة الغوص والبحث عن اللؤلؤ والتجارة بواسطة المراكب الشراعية والعيش على هذه الأرض المباركة بروحهم العالية والمتفانية والمتفائلة غير متذمرين تحت مظلمة قيادتهم الحكيمة آل الصباح الكرام.
لم يجن رئيس النظام العراقي السابق من وراء غزواته وحروبه والتي تتصف بالجنون والعنجهية سوى الهزيمة وضياع الشعب العراقي والتدهور والخسائر في التعليم والصحة والاقتصاد والثقافة، وهو سبب الحروب والكوارث وخلق التوتر وعبث بالشرعية الدولية وتحدى النظام السياسي العربي والعالمي وتجاهل النداءات واستخف بالأسرة العالمية وضيع خيرات العراق على حروب ومغامرات إرهابية منهكة وإهدار طاقات شبابة وزجهم في حروب ومعارك طاحنة وتعطلت إرادتهم وحرمت من الاستقرار والأمن.
العراق بلد الحضارات وهو غني ويمتلك الأراضي والمساحات الشاسعة والمترامية الأطراف ويخترقه نهرا دجلة والفرات بروافدهما المتعددة ويجريان على طول مساحته من الشمال إلى الجنوب وتربة صالحة للزراعة ويمتلك الكثير من الغلات الزراعية النقدية والتي لها أثر كبير على الاقتصاد العالمي مثل الأرز - القطن - القمح - الشعير - الذرة وأشجار النخيل التمور المتعددة الأصناف والأشكال وغيرها الكثير، وكذلك يمتلك مصادر الطاقة من البترول ومشتقاته والغاز الطبيعي والمعادن كالحديد الصلب والفوسفات والكبريت وغيرها وثروات حيوانية متعددة.
تجارب الغزو العراقي الغاشم لن تزول واتخذنا منها الدروس والعبر، حيث أدمت القلوب والنفوس من هول النازلة ولازالت ماثلة أمام أعيننا واستطعنا أن نقوي من عزيمتنا بفضل وحدتنا الوطنية حول قيادتنا الحكيمة.
ضرورة إيجاد آليات الردع القوية لصد الطمع البشرى ورتق الفتوق والحذر الشديد لصد الأيديولوجيات والبدع والخرافات والمؤامرات التي سببت لنا جميعا الآلام والتخريب والدمار والتقهقر في جميع ميادين الحياة والبدء بفصل جديد في العلاقات خالية من المغامرات الحمقاء وإدارة الأمور برويّة وتأن ومبنية على التعاون وحسن الجوار وعدم التدخل في قرارات السيادة والاحترام المتبادل بالنوايا الطيبة والعيش الكريم مع كل الجيران. حفظك الله يا كويتنا الغالية.
[email protected]