ليس هناك أثمن من حياة الإنسان تلك المنحة الإلهية التي حبانا الله سبحانه وتعالى وأمرنا بالحفاظ عليها وتوعد هادريها بالعذاب المبين، لكن يبدو أن حياة البشر لا قيمة لها ولا سعر لها عند بعض المقاولين الذين ماتت قلوبهم وضمائرهم ولاهم لهم إلا الربح السريع، ولو كان على أجساد المساكين الذين يلقون حتفهم وهم يعملون لديهم بمعدات انتهت صلاحيتها وآخرها وفاة وافد يعمل في مشروع المطلاع السكني اثر سقوطه من علو، إذ سقط أثناء قيامه بمهام عمله ليلقى حتفه على الفور، ووفاة وافدين آخرين من عمارة تحت الإنشاء نتيجة تفسخ السقالات المنتهية الصلاحية، وسقطا أمام أعين الجميع ليلقى كل منهما حتفه ويكتفي الناس بالمشاهدة الدامية ونكتفي نحن بالترحم عليهما.
ونتذكر منذ سنوات مسجد غرب الجليب الذي انهارت شداته الخشبية على رأس العاملين فيه، فلقي أربعة مصرعهم غير الجرحى، مسلسل دام اصبح شبه يومي مع اتساع حركة العمران في الكويت ووجود المقاول الذي لا يخشى الله في عمله، فأين الرقابة من وزارة الأشغال من كل هذا؟ وأين الرقابة على المقاولين ومعداتهم المتهالكة؟ وكيف يسمح لهم بالعمل وهم لا يملكون المعدات المجازة؟ وأين توافر شروط السلامة في العمل؟
إنني لا أفهم كيف يصعد عامل على ارتفاع خمسين مترا دون احتياطات أمن مشددة، ولا أفهم كيف يمكن لمقاول أن يستخدم أخشابا ومعدات انتهت صلاحيتها وانتهى عمرها الافتراضي، ففي ظل غياب الرقابة سنرى الكثير من القتلى والجرحى من جراء استهتار هؤلاء المقاولين، فقد اتسعت حركة البناء والعمران في الكويت فلابد من تحرك جميع الأجهزة في وزارة الأشغال لتؤمن وتشرف على المقاولين وأعمالهم ومعداتهم واحتياطات السلامة، وان تشمل هؤلاء العمال المساكين ومهندسيهم بمظلة تأمينات تمسح عنهم غدر الأخشاب المتهالكة والمعدات القديمة وجهل المقاول، فهل تتحرك وزارة الأشغال قبل المزيد من الكوارث؟ فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
[email protected]