يقوم النظام العالمي الجديد على مقومات عدة يأتي في مقدمتها فرض مقومات التعايش السلمي «العقلانية السياسية» بين الدول في الاقليم او المنطقة الواحدة وبعضها البعض واعتمادها مبدأ تبادل المنفعة وتنويع الإنتاج وتوزيعه فيما بينها وفقا لطبيعة كل منها الجغرافية وملائمتها لنوع الإنتاج وكذلك بحسب مصادر الثروات الطبيعية فيها، فالدولة الأكبر مساحة ممكن ان تستغل للصناعات المتوسطة والثقيلة التي قد تؤثر سلبيا على البيئة او الإنسان لو اقتربت كثيرا منه وتلك التي تتمتع بمناخ رطب وتربة خصبة تصلح كمركز للزراعة، اما الساحلية فهي ملائمة لتتركز فيها موانئ الاستيراد والتصدير والسياحة الشاطئية وهكذا.
ونظرا لما تتمتع به دول الخليج العربية من مواءمة مع كل هذه العناصر وامكانية توزيع الانتاج فيما بينها لرفع انتاجها الى أقصى طاقاته، فالمساحات الشاسعة توفرها المملكة العربية السعودية وجودة المناخ والتربة الزراعية تلبيها سلطنة عمان وجميعها لها اطلالات متفاوتة على الخليج وبحر العرب وتطل على مضيق هرمز الشريان الدولي المهم لتصدير النفط ومشتقاته وفيها واحد من اهم موانئ العالم هو ميناء جبل علي.
كما ان بعض دول الخليج تمتلك تنوعا كبيرا في ثرواتها الطبيعية من النفط والمعادن وتغطي مجتمعة حوالي نصف احتياجات العالم من صادرات النفط ولديها اكثر 25% من مخزونه الاستراتيجي والنسبة الأهم من الاحتياج العالمي من الغاز الطبيعي.
تضم دول الخليج اهم اماكن السياحة الدينية في العالم وفيها بعض اهم مدن العالم للسياحة النمطية مثل دبي وابوظبي والدوحة وعمان، وتعد الكويت مركزا لتصدير الكفاءات المؤهلة للعمل كما انها تاريخيا مركز مهم للفنون والرياضة والثقافة بشكل عام وهي تمتلك اكثر من 8% من احتياطي النفط العالمي، وهكذا نرى تكاملا مثاليا ونموذجا لا يحتاج الى جهد كبير ليطبق فيه النظام العالمي الجديد.
اخذت اسرائيل بهذا النظام وطبقته الى أقصى غاياته منذ انشائها الى اليوم فغدت في طليعة الدول المتقدمة والمؤثرة في تقدم الانسانية، وتخلصت مما نعانيه من مشاكل مجتمعية حادة مثل ندرة الأراضي الصالحة للسكن والأزمات المرورية والاختناق البيئي، بينما عجزت دولنا عن الدخول في الصناعات بشكل منتج يضيف للانسانية وتقدمها.
قسموا إسرائيل الى قطاعات عدة ففيها مثلا قطاع للأطباء والخدمات الطبية المساندة يتوافر فيه اهم المستشفيات التخصصية وأرقى كليات الطب وخدماته المساندة ومرافقها من مختبرات ومكتبات، يسكن فيها الأطباء المتخصصون واخصائيو الخدمات المساندة، وقطاع آخر للمهندسين بنفس نظام قطاع الأطباء وهكذا، وهذا لا يعني عدم وجود خدمات طبية او مهن هندسية في باقي المدن وإنما المقصود ان المتميزين وهم فئة المتخصصون هم من يسكنون المدن التخصصية ويعملون فيها.
وطبقت نفس النظام على المنتجات الزراعية فهناك مناطق مخصصة لزراعة الزيتون وأخرى للحمضيات وغيرها.
بهذا وبتخصيصها 4.5% من ميزانيتها للبحث العلمي غدت إسرائيل إحدى الدول المساهمة في تطور البشرية ورخائها.
[email protected]