ها هي السنة قد شدت رحالها حاملة بين طياتها حلوها ومرها، طوت معها إنجازاتنا وسقطاتنا، وأهدافا رائعة حققناها بفضل الله وأحلام لا زالت تحلق في فضاء الخيال، سنة مضت وقد ولد هنا وهناك أطفال كاللآلئ أضاءوا الكون حبا وصفاء، ومضت السنة تحمل معها ذكريات أحباب فارقونا وصاروا تحت التراب، نسأل الله لهم الجنان وعفو الرحمن.
وفي معترك الحياة تجد أنفاسنا تصعد وتهبط معلنة أننا لا زلنا على قيد الحياة مطالبين بتأدية الأمانة والمضي في تحقيق الرسالة الربانية التي من أجلها خلقنا، فالله لم يخلقنا عبثا في هذه الحياة، تعالى الله علوا كبيرا عن ذلك، إنما خلقنا للعبادة وإعمار الأرض ونشر الفضيلة والرقي في التعامل.
لذلك صار هدفي وشعاري في هذه الحياة «فلنغرسها»، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها»، وهذا يعني أننا مطالبون بالعمل والسعي والاجتهاد، فمن المعلوم أن عند قيام الساعة وفي وسط أهوال يوم القيامة وفي هذه اللحظة الصعبة ليس من المجدي الغرس والانتفاع بما غرس، وهنا نحتاج إلى وقفة تأمل في هذا الدين العظيم الذي يحثنا على عمل الخير وطلب الرزق والإحسان في نفع البلاد والعباد وعدم الركون إلى الكسل والخمول إلى آخر لحظة ممكنة، وهذه قمة الإيجابية ودعوة إلى التفاؤل والأمل والتخطيط واقتناص الفرص وعدم اليأس من الفشل والإحباطات وضغوطات الحياة.
دعونا نتوكل على الله ونبذل الأسباب ونصدق في النوايا ونضع لأنفسنا نوايا عديدة صالحة فيكفينا شرفا أن الله مطلع على ما في قلوبنا وسرائرنا يغدق على نوايانا بالأجور الجزيلة حتى لو لم نعملها، وهذه هبة ربانية أخرى تدفعنا إلى الإخلاص وحسن التخطيط والعمل.
فلنشمر عن سواعدنا ولنشعل هممنا في وضع خططنا للعام الجديد وخاصة أننا في الأيام الأولى لهذا العام المبارك، فلا تيأس، فلا زال في الوقت متسع، فقد وهبنا الله قدرات ومهارات وكنوزا كامنة في نفوسنا حري بنا أن نطلقها ونوظفها في المكان والوقت المناسب، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وبناء على ما سبق ذكره فإن من قوة المؤمن وكمال دينه أن يكون عضوا فعالا في مجتمعه مخلصا في تأدية رسالته التي من أجلها خلق، حريصا على نبذ الخلافات والمهاترات ويجتهد في توظيف طاقاته وإمكانياته في مكامن الخير، ويحرص على مجالسة الصالحين المنجزين أصحاب الهمم العالية والإنجازات المبدعة.
نسأل الله لنا ولكم الحكمة والبصيرة وحسن العمل.
@ebtisam_aloun