«التبسم» خير لنا في الدنيا والآخرة من التجهم، وأقرب إلى الله تعالى والى الناس، فكم من ابتسامة سلت غضب المتغاضبين، وألفت بين قلوب متنافرة، فما بالنا نرى وجوها متجهمة في هذا الشهر الفضيل، ونحن أحوج ما نكون إلى الألفة والتواد والتواصل والتراحم.
وقبل الاسترسال في الموضوع لابد من تعريف «التبسم» و«التجهم» في اللغة، أما التبسم فمعناه انفراج الشفتين عن الثنايا فيضحك المرء دون صوت، وهو أخف الضحك وأحسنه وفي الحديث الشريف: «تبسمك في وجه أخيك صدقة».
فما الذي يمنعنا من هذه الصدقة التي منحنا إياها الخالق عز وجل؟ فنحن الفقراء إلى الله وهو الغني الواهب المنعم المتفضل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق» وصدقة التبسم في وجه أخيك فوائدها كثيرة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يدفع بها المولى عز وجل عنك أنواعا من البلاء، ويبارك في رزقك، ويريح قلبك، وفيها انشراح لصدرك، ومطهرة للمال ودواء لكل داء، وأمان من الخوف وموجبة لدعاء الملكين.
ثم ان الصدقة تمحو الخطيئة، وفي الآخرة تقي صاحبها نار جهنم، وتجعله في ظل عمله يوم القيامة وتدخله الجنة، بإذن الله من باب الصدقة، فهي دليل صدق العبد مع ربه، وان الابتسامة باب خير كثير وفير لا يغلقه إلا المحروم الشقي الذي لاحظ له.
وأما «المتجهم» فهو العابس في وجه أخيه، فإذا تجهم المرء صار عابس الوجه كريها، تنفر منه القلوب وتتجنبه أعين الناس، وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رده أهل الطائف ردا قبيحا وآذوه (إلى من تكلني .. إلى عدو يتجهمني).
فالفرق بين التبسم والتجهم كالفرق بين الخير والشر، فمن جنح إلى الشر عامدا باء بغضب من الله، ثم ان المتبسم محبوب من الجميع وجزاؤه مضاعف في هذه الأيام المباركة، وكم من ابتسامة أطفأت نار غضب وقربت بين القلوب المتباعدة، وكم من متجهم آذى نفسه وغيره وباعد بينه وبين الناس.
ومن الأهمية بمكان أن يستقبل الموظف المراجع بوجه باسم، وان يكون تعامله حسنا، وأن يبش بوجوههم ولا يتجهم ويعامل الناس بغلظة وجفاء، ولنا في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، فقد قال في حقه المولى عز وجل (وإنك لعلى خلق عظيم) (القلم: 4).
ودمتم سالمين.