خلال ورشة عمل نظمها مكتب الأونروا في غزة، تحت عنوان «دعم الأونروا في الخطوط الأمامية ـ الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفا»، بالتنسيق مع المكتب الإقليمي للمنظمة، حول التحديات الصحية لجائحة كورونا، استمعنا لبعض القصص المؤلمة والأرقام المفجعة عن التحديات الصحية التي عاناها القطاع، خاصة بعد وصول الإصابات إلى الذروة أواخر أغسطس الماضي.
ورغم الجانب المظلم للجائحة وآثارها، إلا أن لها جوانب مضيئة تشكل فرصة لأهل القطاع تشرفت بذكرها خلال مداخلتي، فعلى الرغم من الأرقام الصادمة والمؤلمة لمعدلات البطالة التي وصلت إلى 80% بين الإناث و60% بين الذكور، والأزمات المستمرة في الاحتياجات الأساسية كالماء والكهرباء بسبب الحصار المضروب على القطاع منذ أكثر من عشر سنوات، إلا أن هناك جهات كثيرة قد كيفت نفسها وتبنت العمل عن بعد!
تشمل هذه الجهات عددا من المؤسسات الحقوقية والتعليمية والإغاثية داخل قطاع غزة، إلى جانب العاملين في القطاع التكنولوجي لصالح مؤسسات خارج القطاع، ويبدو اتباع هذا النهج بمنزلة فرصة ذهبية لأهل القطاع لتحسين أوضاعهم بعد أن أصبح العمل عن بعد مألوفا ومقبولا وأصبحت المؤسسات الصغيرة شبه دولية بالانتشار العالمي لموظفيها الذين يعملون عن بعد!
ولا يعني ذلك أن أهل غزة هم المطالبون فقط بعرض خبراتهم والسعي للبحث عن فرص العمل عن بعد، بل ينبغي على المنظمات والشركات أن تضع أهل غزة نصب عينها ضمن خططها للتوظيف الخارجي، معتمدة حل «العمل عن بعد، وجزء من الراتب»، والذي كنت قد تكلمت عنه بإسهاب في مقال سابق! كما أن دول الخليج التي تتواجد فيها أعداد كبيرة من العمال الوافدين، والذين يشكلون عبئا في تواجدهم الجسدي، لاسيما في الدول صغيرة المساحة، أدعى بأن تفكر جديا ببرامج توظيف مؤسسية ضخمة تحدث أثرا مستداما.
لقد عايشنا جميعا في الشهور الأخيرة ظروف الحجر الصحي لمواجهة جائحة كورونا، وتحولت حياتنا إلى سجن شبيه بذلك الذي يعيش فيه أهل غزة، ولكن البعض منا استمر في أعماله المكتبية وأصبح بيته في الحجر في منزلة مكتبه بالعمل، وهذا دافع لنا لأن نضع المشاريع التنموية وسبل تحسين العيش لأهل القطاع في قمة الأولوية بالاستفادة من تجربتنا قبل أن ننسى.
[email protected]