[email protected]
أحيانا يأتي زلزال الأحداث فيجعل «البني آدم» أكبر من عمره!
بالأمس (انثولنا) من حجم ما تركته جائحة كورونا (كوفيد - 19) على أنفسنا أولا ثم على عيالنا والمحيطين بنا!
بالأمس كنت أرى أطفالا أعولهم، واليوم هم من حولي شباب.. وتمضي السنون!
كلنا صحونا بعد أن مرّ على تفشي جائحة كورونا أشهر وهي جاثمة على صدورنا وبلداننا وشعوبنا فأحدثت صدمة في اقتصاديات البلدان، وجعلت الآباء والأمهات في حيرة وتعجب وهم يشاهدون أطفالاً يودعون الطفولة بكل ذكرياتها الجميلة ويمارسون أدوارهم الشبابية وهم يتجهون الى المستقبل، ويكبّرون معهم الآباء والأمهات وهيهات أن يرجع الزمن «القهقري»!
اليوم، الأب والأم يناظران هذا الكم من التغيرات التي دخلت على أبنائهما، فلقد تغير الصوت والجسم، وبدأ الصغير يكبر وينضج وتتغير فيه أشياء كثيرة بمنزلة انقلاب في حياته وتنقله من عالم الطفولة البريء الى عالم الشباب والرجولة، وتظهر لك علامات تحوّل الصوت الأجش والاهتمام باللباس وفرض الكلمة والعناد، وكلها لها من لون واحد تصرخ بصوت واحد فقط: أنا موجود!
اليوم دعوة للآباء والأمهات أن يلتفتوا الى هذا الأمر، ولنبدأ في أسلوب يختلف في التفاصيل عن السابق، يتناسب مع هذه المستجدات بمعنى أن تلبي حاجة (ابنك وابنتك) في الحوار وأن تتفهمه وتحاوره ليعلم الجميع أن «كورونا» غيّرت طباع الجميع نتيجة تطبيق الإجراءات والاحترازات وكبّرت كثيراً من الشباب رجالا ونساء أعمارا فوق أعمارهم، وكذلك غيرت كورونا نفسيات الآباء والأمهات نتيجة الضغوط المختلفة وتباين الأسباب والمسميات، وهناك من يحتاجون إلى علاج نفسي نتيجة هذه الضغوط والإرهاصات، وأضف الى ذلك تراجع الاقتصاد وقلة السيولة وانخفاض مستويات الدخل، والطامة الجديدة وهي التعلّم عن بُعد أو مشاكل الحياة نتيجة هذه الاختناقات الزمنية في المستجدات!
لقد أدخلت كورونا الشباب مرحلة البلوغ، وهذا يعني بداية التكليف، قال تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) الملك 14.
لقد كبر الأحباب أكانوا أبناءك أم أحفادك قبل وقتهم نتيجة حرارة الأحداث والمستجدات في سنة 1442هـ الموافق 2020م!
اليوم الأب والأم مطالبان بالجلوس مع هؤلاء الشباب والشابات للتحدث عن التكاليف الشرعية، أما الأيتام فهذا هو دور الأعمام والأخوال والعمات والخالات!
الله وحده يعين الآباء والأمهات على توجيه الأبناء الذين تتقاذفهم الميديا والتواصل الاجتماعي ومنظومة الشبكة العنكبوتية وأذرعها المخيفة التي أدخلت أجيالنا إلى عالم جديد من الثقافة أنت تختاره لنفسك وضاع دور المدرسة والمدرس والمسجد والدعاة!
اليوم تعددت المسؤولية واختلف أسلوب التوجيه فما عاد يجدي الأسلوب القديم بعد دخول هذه الأجهزة الذكية. يبقى عليك أن تفهم الأسلوب الجيد الذي يوصل رسالتك لابنك أو حفيدك مثل قضية (أوصيك بصلاتك - طاعة والديك - احفظ لسانك - وجوارحك - أعد النظر في الأصدقاء فالصاحب ساحب، وابتعد عن جلساء السوء، قال الشاعر:
كل الحوادث مبدأها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها
فتك السهام بلا قوس ولا وتر
٭ ومضة: عن الآباء والأمهات أن يتقوا الله في عيالهم وأماناتهم في زمن كورونا، وهذه فرصة لجلوس الأولاد والبنات في البيت لتأصيل التربية عن طريق القدوة والسلوك بالممارسة من نهي وتشجيع وحوافز خاصة ان الشباب والفراغ مفسدة!
فترة المراهقة مرحلة عصيبة تتطلب ضبط الأعصاب خاصة في هذه السن تتصارع الشهوات مع القيم، فلا تجعل هذه الفترة من الطيش تذهب بعيالك وأبنائك كثيرا وأنت مشغول عنهم. رتب أمورك معهم!
٭ آخر الكلام: في ظل ظروف كورونا وما يصاحبها من ضيقة خلق وقلق وتمرد وفراغ وضياع التعليم، تسود مرحلة مفروضة من (التمرد - التمترس - التنمر) وهذه تحتاج من ولي الأمر، صبر أيوب وحلم محمد صلى الله عليه وسلم وعليك أن (تشجع - تُحفِّز - تدعم) شخصية ابنك ليحقق حلمه القادم بالشهادة غير المزورة وتكوين أسرة جديدة امتدادا لك!
لا يواجه التمرد والعناد بالعنف وعلو الصوت وإنما العكس تماما أعطه ما يرجو، احترم شخصيته وذاته وشجعه على الحوار معك ليلجأ لك دائما، وإن ذهب إلى غيرك، فتوقع غير المتوقع!
٭ زبدة الحچي: أيها الأب، أيتها الأم أشعرا ابنكما أو ابنتكما بأنهما اليوم (غير) استخدم (المدح) بشكل يومي واستمع لرأيه أو رأيها بكل هدوء دون مقاطعة وإياك والمقارنات (أخوك أختك) احذر المقارنات، باب الشيطان ومدخله، واربط ما بين رضا الله عز وجل عليه ورضاك: (رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد)!
عرفه ماذا يعني العقوق واضرب مثلا بالقصص وركز في داخل نفسه وشخصيته أن (الجزاء من جنس العمل) والبر عدو للعقوق وهو من الكبائر.
علمه أن يستعيذ من الشيطان الرجيم إن غضب وزعل وضعف، وعليه أن يتجنب الناس في هذه الحال وهو غضبان، زعلان حتى يهدأ ويزول غضبه.
اعرض عليه قصة يوسف عليه السلام واعرض عليها قصة آسيا زوجة فرعون نماذج من سيرة الأنبياء والصالحين، والمهم في نهاية الأمر أن نزرع في داخل هذا المراهق أو هذه المراهقة أن هؤلاء القدوات نحاول أن نقلدهم في حياتنا، وأن نكون مثلهم أو نصل إلى منزلتهم، لا نطالبك يا بني ويا ابنتي أن تكونوا مثلهم وإنما نقتدي بهم ونتأسى بجوانب الخير لديهم.
أيها الآباء: الله يعينكم على حمل الأمانة في العصر الكوروني افتحوا مثل هذه الحوارات مع أبنائكم اليوم قبل الغد من وقتكم الثمين.
هذه رسالتي المتواضعة أخذتها من هذا الكم من الرسائل التي تصلني على الإيميل والواتساب أضعها أمام أولياء الأمور في هذه المرحلة الحرجة من حياتهم وأبنائهم.. في أمان الله..
٭ مشاركة عزاء:
أتقدم بالتعزية والمواساة إلى أخي الأستاذ متعب العتيبي - رئيس جمعية المعلمين السابق في نجله الفقيد الأستاذ مشاري متعب العتيبي - الذي رحل عنا إلى خالقه بعد أن استرد أمانته فيه عن عمر ناهز 26 عاما ودُفن في مقبرة صبحان، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويُسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. «مشاري فقيدة» ترك أثرا بالغا في مجتمعه وطلابه رغم صغر سنه.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).