منذ العام 2008 وشخصيات سياسية كويتية تتعرض للاغتيال السياسي الممنهج، اعني الاغتيال السياسي وفق مفهوم «اغتيال الشخصية» وهو المبدأ القائم على مهاجمة تلك الشخصية المستهدفة سواء عبر بث إشاعات كاذبة عنها او السخرية منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي في سبيل أن يفقد الناس ثقتهم بها او على الأقل عدم أخذ تلك الشخصية على محمل الجد، ونجحت بعض تلك الاغتيالات في إقصاء شخصيات بعد هدم صورتها إعلاميا أمام الجمهور بل وتصوير بعضهم كمجرمي حرب استحقوا الإعدام السياسي الشعبي!
***
بدأت حملات اغتيال الشخصية تأخذ شكلا ممنهجا منذ نهاية عام 2008، ولم تكن تختص بها جهة واحدة، بل كانت أشبه بحرب اغتيالات بين اكثر من جهة وطرف، وكان ضحايا تلك الاغتيالات التي استندت إلى إشاعات وأكاذيب وأقوال مرسلة وزراء ونواب وشخصيات عامة سياسية وغير سياسية، بل واحيانا مواطنون عاديون، كثير منهم خرج من دائرة الضوء الإعلامية والسياسية بعد ان نفذت بحقهم تلك الاغتيالات بشكل دقيق عبر أقوال مرسلة صدقها غالبية الجمهور في حينها.
***
للأسف ان ما ساعد على سرعة تنفيذ تلك الاغتيالات بداية أوج استخدام الإنترنت الشخصي عبر وسائل التواصل الإعلامي او المدونات او المواقع الاخبارية مجهولة المصدر والنشأة في ظل فوضى استخدام عارم لتلك الأدوات دون وجود قوانين منظمة، فأي تهمة كان يمكن ان توجه لأي شخص يرسل إشاعة او يسيء لشخص اما إساءة استخدام هاتف او جنحة سب وقذف، طبعا في ظل وجود فراغ تشريعي ينظم تلك المسألة، وهو ما استغله البعض لتنفيذ الاغتيالات السياسية بشكل متوسع واستهداف اي شخص.
***
بعض تلك الاغتيالات السياسية- وكما انكشف لاحقا- كانت تقوم بها تيارات سياسية وللأسف فان بعضها نجح الى درجة انه تسبب في تهييج الرأي العام ضد الشخصيات المستهدفة، شخصيات عامة تم الطعن في ذممها عبر أقوال مرسلة غير موثقة بل غير صحيحة على الإطلاق، وتمت السخرية منها عبر الهمز واللمز بشكل إعلامي الى درجة فقدان الجمهور الثقة فيها.
***
قلت ان الفراغ التشريعي بين عامي 2009 و2011 في ظل عدم وجود قانون ينظم الإعلام الإلكتروني أو يبين الجرائم الإلكترونية ويحددها ساهم في أن تتم عمليات اغتيال الشخصية بشكل شبه يومي، فلم يكن امام المتضرر من تلك الاغتيالات الإعلامية سوى قانون الجزاء الذي لا تخرج تصنيفاته ضد مطلق الإشاعات سوى إساءة استخدام الهاتف أو القذف، بل ان كثيرا من مطلقي تلك الإشاعات كان مجهولا، وهو ما زاد من حجم الإشاعات والتوسع في النيل من الشخصية المستهدفة.
***
اليوم قانون الجرائم الإلكترونية دخل حيز التنفيذ وقانون تنظيم نشر الإعلام الإلكتروني سيدخل حيز التنفيذ بعد الانتهاء من لائحته التنفيذية وكلاهما قانونان مكملان لبعضهما تشريعيا، ورغم وجود أصوات تحذر من استخدامهما انتقائيا إلا ان وجود قانون أفضل من وجود فراغ تشريعي مهما كان حجم الاختلاف حول بعض من مواد القانون.
[email protected]