في العام 2007 وأثناء تغطيتي لمؤتمر لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في مقر حلف الناتو ببلجيكا، التقيت بأستاذ جامعة ألماني يدعى ميرك سميث، وعندما علم أنني من الكويت بدأ يسرد لي كيف أن حالة انتقال الدولة الكويتية من الداخل الجغرافي بعد الاحتلال الصدامي للكويت وانتقالها الى المنفى هي حالة تدرس في الجامعات الألمانية، كأنموذج على قدرة بقاء الدولة كحكومة وشعب في المنفى دون أن تتأثر حالة الصرف المادية أو الميزانية، بل وكيف أن الدينار الكويتي ورغم اختفاء البلد لأكثر من 7 أشهر من خارطة العالم لم يتأثر وبقي على قوته وملاءته المالية حتى عودة الدولة وتحريرها.
****
وشرح لي د. سميث كيف انه لا توجد دولة في العالم كله وعبر التاريخ تم احتلالها إلا وتضررت اقتصاديا في المقام الأول واستغرقهم الأمر عشرات السنوات للعودة الى ما كانت عليه، إلا الكويت التي تعتبر استثناء حقيقيا وحيا، حيث إن الضرر الاقتصادي الذي وقع عليها رغم فداحته وجسامته استطاعت ان تعبره بأقل قدر ممكن من الأضرار بل إنها عادت وعادت عملتها بذات القوة وهو الأمر - حسب رأيه - الذي يكسر جميع النظريات السياسية والاقتصادية المعروفة، فكيف لدولة أن تحتل وتختفي من الخارطة وتعود بعد سبعة أشهر وكأن شيئا لم يكن، وفسرها بأنه وبسبب وجود مكتب الاستثمارات الكويتي في الخارج والصندوق السيادي الذي يعتبر واحدا من اكبر الصناديق السيادية في العالم استطاعت الكويت ان تعوض نقص إنتاج البترول خلال فترة الاحتلال الصدامي بل وأن تدعم ماليا حرب التحرير كمساهم رئيسي وتصرف رواتب لمن هم خارج البلاد وتدير الدولة بالكامل ككيان موجود في ظل الاحتلال وتعود للإعمار في فترة قياسية دون تأثر واضح كما حصل في معظم الدول التي تم احتلالها على مر التاريخ.
****
عرض د. سميث العابر لي ومحاضرته حول الحالة الكويتية الاستثنائية أستحضره الآن وبعد اكثر من 9 أعوام بعد ان هبط سعر برميل النفط الكويتي من 120الى الـ 25 دولارا، فقط لأبعث نفسا تفاؤليا فيمن يرى في الهبوط السعري للبترول خطرا محدقا ببلادنا، ذلك ان الكويت كمنظومة مالية قادرة على عبور هذه الأزمة السعرية بأقل قدر من الضرر بل وربما بلا أي ضرر على الإطلاق، فتفاءلوا فالكويت كانت وستظل بخير حتى لو وصل سعر البرميل الى 7 دولارات كما في التسعينيات.
[email protected]