د.هشام أحمد كلندر - طبيب متخصص في الإدارة الصحية
هل نحن في الموجة الثانية؟، أم أننا لم نخرج من الموجة الأولى لندخل الموجة الثانية؟، إذن لماذا استمرت الموجة الأولى؟
هل بسبب عدم الالتزام المجتمعي بالتباعد الاجتماعي؟، أم بسبب تخفيف الإجراءات وعودة الأعمال وفتح حركة الطيران؟
أم أن هذه الزيادة ناتجة عن التوسع في إجراء المسوحات التشخصية؟، هل هناك تضخيم لما يحدث؟
هل بدأ المجتمع في التأقلم مع الوضع الوبائي؟، أم دخل مرحلة الملل واللامبالاة؟.
هذه بعض الأسئلة التي قد تتبادر الى ذهن البعض منا في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد، قد لا يسعنا في هذا المقال الإجابة على كل هذه التساؤلات ولكن الشيء المهم لكل فرد في ظل هذه الجائحة هو حماية نفسه وأسرته ومجتمعه عن طريق الالتزام بتعليمات السلطات الصحية من الحفاظ على التباعد الاجتماعي والمساهمة في الحد من انتشار الفيروس قدر الإمكان، وسأحاول إعطاء لمحة عامة ومختصرة عما يحدث ببعض دول العالم وربطه لما يحدث في بلدنا العزيز الكويت.
أظهرت الإحصاءات العالمية أن حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد ترتفع على ما يبدو في معظم مناطق العالم وخاصة مع التوسع في الفحوصات التشخيصية أو بسبب دخول العالم الموجة الثانية من فيروس كورونا كما تنبأ بذلك الكثير من قبل، ذكر الكثير من علماء الصحة العامة أنهم يتوقعون دائما ارتفاع حالات الإصابة بمجرد رفع الإجراءات التي تحد من الاختلاط وتساعد على التباعد الاجتماعي، وقد حان الوقت للتجربة والخطأ في الإجراءات المتخذة لمعرفة مدى إمكانية السيطرة على الفيروس وخاصة مع عودة المدارس والأعمال إلى طبيعتها، حيث تم التخلي عن الحظر بدرجاته المختلفة والذي ساعد في تسطيح الموجة الأولى من الفيروس لأسباب مختلفة منها التحذيرات الاقتصادية والاندفاع للعودة إلى الحياة الطبيعية.
ويمكننا أن نرى ما يحدث في باريس ومدريد وما يحدث أيضا في مناطق مختلفة من بريطانيا، حيث ان معدلات الإصابة بارتفاع والأشخاص الذين يتم إدخالهم إلى المستشفى يتصاعد عددهم بشكل كبير وكذلك إشغال أسرّة العناية المركزة في ازدياد وأعداد الوفيات تتزايد مرة أخرى، قد تكون الزيادة في عدد الحالات نتيجة للتخفيف من قيود الإغلاق والطقس البارد وعودة المدارس والأعمال وخاصة بعد العطلة الصيفية، نتيجة لذلك على سبيل المثال أصبحت إسبانيا أول دولة في أوروبا الغربية تسجل مليون إصابة.
والوضع في الكويت نوعا ما مختلف، حيث انه لم تكن هناك موجة ثانية بحسب الإحصاءات المسجلة فلم نشهد نزولا سريعا للمنحنى، بل ظل يترنح ما بين الصعود والنزول بمعدلات متقاربة، وما كان ملاحظا حسب الأرقام المعلنة هو ارتفاع عدد الإصابات بالإضافة الى زيادة نسبة الوفيات في الكويت، حيث بلغ عدد الوفيات في الثلاث أسابيع الأولى من شهر أكتوبر ١١١ وفاة، على الرغم من أن البيانات الرسمية لدول العالم تظهر أن معدلات البقاء على قيد الحياة بعد دخول العناية المركزة نسبيا تتحسن بالمقارنة بالموجة الأولى من الوباء، مع الأخذ بالاعتبار أن النتيجة النهائية للعديد من المرضى لم يتم الكشف عنها بعد.
قد تعود هذه الصورة الإحصائية في الكويت للكثير من الأسباب منها السياسة المتبعة في الفحوصات والتي تعتمد عليها الإحصاءات المسجلة، عدم وجود التزام من الأفراد وضعف المراقبة وتطبيق العقوبات للمخالفين وعدم تطبيق بعض الإجراءات بالشكل الصحيح، وتوقيت فرض وتخفيف الإجراءات، وكما ذكرنا سابقا بإحدى المقالات تردي الخدمات في بعض المناطق والتي تتميز بالمساكن المزدحمة التي تقطنها غالبية من العزاب، مما أدى الى انتقال العدوى بشكل مستمر وقلل من فرص الكشف السريع للمرض وتطبيق العزل المحكم.
إذن هل سنعود للحظر كما عادت إليه بعض العواصم العربية والغربية؟!.
يتعلق ذلك باتخاذ الإجراءات الصحيحة من جهات الدولة المختلفة، وكذلك بمدى الالتزام المجتمعي بالتباعد الاجتماعي، ولبس الكمام، وعدم المصافحة، وترك مسافة مترين، والحد من التجمعات قدر المستطاع مع الاستمرار بممارسة الحياة اليومية عن طريق التأقلم مع الأوضاع الحالية، فالحياة لا تتوقف ولكن الإنسان يحتاج أن يتكيف.
في الختام نكرر يجب الحفاظ على التباعد الاجتماعي فهو الطريقة التي يمكننا بها حماية أنفسنا وأحبابنا، نسأل الله أن يزيل هذه الغمة عن الأمة وأن يلطف بنا ويحفظنا ويحفظ بلادنا من الوباء والبلاء.
Email: [email protected]
Twitter: @Dr_hisham81