أكد الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن الإساءة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة تماما، وسنتتبع من يسيء لنبينا الأكرم في المحاكم الدولية، حتى لو قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الأمر فقط.
وقال شيخ الازهر ـ خلال استقباله أمس بمشيخة الأزهر وزير خارجية فرنسا جان ايف لورديان ـ «إذا كنتم تعتبرون أن الإساءة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حرية تعبير، فنحن نرفضها شكلا ومضمونا، وأنا أول المحتجين على حرية التعبير إذا ما أساءت هذه الحرية لأي دين من الأديان وليس الإسلام فقط، وأن أوروبا مدينة لنبينا محمد ولديننا لما أدخله هذا الدين من نور للبشرية جمعاء».
وأضاف د.أحمد الطيب «إن الأزهر يمثل صوت ما يقرب من ملياري مسلم، وقلت ان الإرهابيين لا يمثلوننا، ولسنا مسؤولين عن أفعالهم، وأعلنت ذلك في المحافل الدولية كافة، في باريس ولندن وجنيف والولايات المتحدة وروما ودول آسيا وفي كل مكان، وحينما نقول ذلك لا نقوله اعتذارا، فالإسلام لا يحتاج إلى اعتذارات، ونرفض وصف الإرهاب بـ«الإسلامي»، وليس لدينا وقت ولا رفاهية الدخول في مصطلحات لا شأن لنا بها، وعلى الجميع وقف هذا المصطلح فورا، لأنه يجرح مشاعر المسلمين في العالم، وهو مصطلح ينافي الحقيقة التي يعلمها الجميع».
وأضاف «أنا وهذه العمامة الأزهرية حملنا الورود في ساحة باتاكلان وأعلنا رفضنا لأي إرهاب»، وشدد على أن المسلمين حول العالم (حكاما ومحكومين) رافضون للإرهاب الذي يتصرف باسم الدين، ويؤكدون على براءة الإسلام ونبيه من أي إرهاب، وقال «وددنا أن يكون المسؤولون في أوروبا على وعي بأن ما يحدث لا يمثل الإسلام والمسلمين، خاصة أن من يدفع ثمن هذا الإرهاب هم المسلمون أكثر من غيرهم».
وأوضح الإمام الأكبر أن التجاوزات موجودة عند أتباع كل دين وفي شتى الأنظمة، فإذا قلنا إن المسيحية ليست مسؤولة عن حادث نيوزيلندا، فيجب أن نقول أيضا ان الإسلام غير مسؤول عن إرهاب من يقاتلون باسمه، أنا لا أقبل أبدا أن يتهم الإسلام بالإرهاب، وقال «نحن هنا في الأزهر قديما وحديثا نواجه الإرهاب فكرا وتعليما، ووضعنا مقررات ومناهج جديدة تبين للجميع أن الإرهابين مجرمون وإن الإسلام بريء من تصرفاتهم».
وقال «حديثي بعيد عن الديبلوماسية حينما يأتي الحديث عن الإسلام ونبيه، صلوات الله وسلامه عليه»، مضيفا أن «تصريح وزير الخارجية الفرنسي في غضون الأزمة كان محل احترام وتقدير منا، وكان بمنزلة صوت العقل والحكمة الذي نشجعه».
وأضاف: إن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة لنا ولكم، وهو نور أبدي بعثه الله للبشرية، وقال «هل من الحكمة المغامرة بمشاعر ملايين البشر من أجل ورقة مسيئة؟ لا استطيع أن أتفهم أي حرية هذه! وإن الناس لن تمسك بالقواميس حتى تتحقق عن فروق بين المصطلحات ومعانيها، المصطلحات التي تستعملونها تجرح المسلمين جميعا، وهي عمل غير إنساني ولا يتفق مع الحضارة».
وتابع «صدري متسع للحوار والعمل معكم ومع الجميع، ولكني أقول إن الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة تماما، ونحن مستعدون للتعاون معكم، من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام ومحاربة الفكر المتطرف داخل فرنسا وأوروبا، ونحن على استعداد لتقديم منصة خاصة للتعريف بالإسلام وأحكامه الصحيحة لنشر الوسطية والاعتدال والتسامح الإسلامي».
كما أهدى الإمام الأكبر إلى وزير الخارجية الفرنسي نسخة من وثيقة الأخوة الإنسانية، والتي وقعها فضيلته مع البابا فرنسيس في أبوظبي، وقال «هذه الوثيقة التاريخية صاغها الأزهر والكنيسة الكاثوليكية من أجل الإنسانية، وهي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، باسم البشرية، أن الأديان بريئة من الإرهاب والحروب وأنها جاءت لإسعاد البشرية، وهي تمثل خطة واضحة للطريق نحو الإخاء الإنساني والعيش المشترك، وأطالب الاتحاد الأوروبي بتبنيها وتعميم مبادئها».