بعد حوالي أسبوع طويل من الانتخابات الرئاسية الصعبة والتي لم يشهد تاريخ الديموقراطية الأميركية مثيلا لها، حسمت الرئاسة إلى المرشح الديموقراطي جو بادين الذي انتصر على منافسه الرئيس الحالي دونالد ترامب، بالرغم أن الأخير لم يقر بالخسارة كما جرت عليه العادة، إلا أن الإعلام ووفق النتائج النهائية اعلن حصول بايدن على 290 صوتا بالمجمع الانتخابي مقابل 219 صوتا للرئيس ترامب، وبالتالي أصبح جون بايدن الرئيس الأميركي السادس والأربعين للولايات المتحدة.
يتساءل الكثيرون حول سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط في حقبة جو بايدن؟ وهل بالفعل السياسة الأميركية الخارجية ثابتة لا تتغير مع تغير الرؤساء؟
في اعتقادي ان هذه المقولة قد عفى عليها الزمن، فمراجعة بسيطة للتاريخ القريب لمنطقتنا والأحداث الكبرى التي جرت فيها، وطريقة تعاطي الإدارات الأميركية المختلفة معها سيثبت ذلك.
فسياسة الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش الابن (2001-2009) واستراتيجيته في الشرق الأوسط «الفوضى الخلاقة» والتي كان محصلتها غزو العراق (2003) وأفغانستان (2001) بدعوى فرض الديموقراطية والتي لم تجلب إلا الدمار والإرهاب وداعش، لم يمكن مقارنتها بسياسة الرئيس الديموقراطي السابق اوباما المعتمدة على الديبلوماسية والتي كانت إحدى نتائجها الاتفاق النووي الإيراني، بل هل تستوي سياسة أوباما في بناء التحالفات وقيادتها من الخلف كما حدث أثناء تدخل الناتو لحماية ودعم الثورة الليبية (2011) مع سياسة الانكفاء في الشأن الداخلي التي مارستها إدارة ترامب، أو سياسة الانسحاب من المنظمات الدولية كمنظمة الصحة العالمية أو التراجع عن الاتفاقيات الدولية كالاتفاق النووي او اتفاقية باريس للمناخ.
كما لا يمكننا تشبيه سياسة الرئيس ترامب المعتمدة على تعظيم المكاسب المادية لا الاستراتيجية، كفرض صفقات السلاح وزيادة المشتريات المختلفة على حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، معا ما رافقها من توتيره للأجواء في الخليج دون عمل جذري لحسمها (أزمة الناقلات واستهداف مواقع نفطية خليجية).
ختاما ـ يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الذي عمل نائبا للرئيس السابق أوباما مدرك لأهمية الديبلوماسية وبناء التحالفات والعمل الجماعي، وقد أبدى أثناء حملته الانتخابية مرونة في ملف الإيراني كالعودة للاتفاق النووي بشرط إطالة صلاحية الاتفاق، وفي الملف الفلسطيني يرفض ضم الأراضي في الضفة الشرقية والجولان ومع عملية سلام عادلة بعكس سياسة ترامب الذي اخترق فيها القانون الدولي والشرعية الأممية واعترف بسياسة الضم الإسرائيلي والاستيلاء الكامل على القدس.
ولكن هناك في بعض سياسات بايدن الخارجية نحو الشرق الأوسط المرتقبة ما لا توافق عليه بعض الحكومات وهو ملف حقوق الإنسان والديموقراطية وربما هو الملف الأصعب الذي سيواجه بايدن مع حكومات غير ديموقراطية تملأ المنطقة.
٭ الخلاصة: بايدن رئيس ديموقراطي تقليدي غير تصادمي وان كانت نائبته هاريس غير تقليدية واكثر ليبرالية منه، ومتوقع ان نشاهد نفس السياسات الأميركية في عهد أوباما في العالم وبمنطقة الشرق الأوسط.