- الجسمي: البيئة الثقافية غير مشجعة على نشر العلم وتحولنا من مجتمع منتج إلى استهلاكي
- الغانم: التعليم في الكويت لا قيمة له من الناحية النقدية ولم يحقق أي أهداف سوى «محو الأمية»
- الشريكة: نعاني في الكويت من ظاهرة حسن التنظير والتشريع مع سوء التطبيق العملي
آلاء خليفة
واصل ملتقى البرلمان الافتراضي 2020 الذي ينظمه معهد المرأة للتنمية والسلام تقديم جلساته وحملت الجلسة الثانية عنوان «معايير انتخابات الناخب والعوامل المؤثرة في القرار الانتخابي» والتي أدارها الأكاديمي والباحث السياسي د.عايد المناع وشارك فيها كل من أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د.عبدالله الغانم والأستاذ بقسم الفلسفة بجامعة الكويت أ.د.عبدالله الجسمي ومدير مركز تعزيز الوسطية د.عبدالله الشريكة.
في البداية، أوضح استاذ الفلسفة بجامعة الكويت أ.د.عبدالله الجسمي ان الكويت شهدت تراجعا ثقافيا كبيرا خلال الأربعة عقود الأخيرة، موضحا ان الدستور الكويتي ساهم في حل اشكاليات عديدة وتم تحديث النظام السياسي بناء على الدستور.
وأضاف أنه كان من المفترض أن تقوم السياسة التعليمية في الكويت على تحقيق عدة أهداف أبرزها إعادة بناء المجتمع والمعرفة بالإضافة إلى تحديث المجتمع معرفيا على أساس أن يرى الإنسان العالم بطريقة حديثة ومعاصرة وكذلك ربط التعليم والعلم باحتياجات المجتمع وإعداد خريجين وطنيين مؤهلين لخوض سوق العمل بهدف تقليل العمالة الوافدة وتعديل التركيبة السكانية ولكن غالبية تلك الأهداف لم تتحقق على أرض الواقع.
وذكر الجسمي أن التعليم يهدف الى بناء الإنسان من خلال فهم الواقع المعاصر ومتطلباته وبالتالي لا بد من إعداد الإنسان إعدادا ذهنيا وفكريا وإنسانيا وثقافيا، موضحا أن بناء الإنسان اليوم هو الركيزة الأساسية في بناء الدولة والمجتمع.
وأشار الجسمي إلى أن عملية التعليم تدخل في صلب مفهوم المواطنة، مؤكدا أهمية تحديث المجتمع ثقافيا وذلك من خلال العلم والحرية والديمقراطية وهي الوسائل الرئيسية لإحداث التغيير.
ولفت الجسمي إلى أن البيئة الثقافية التي وجدت بعد ظهور النفط غير مشجعة لنشر العلم والثقافة العلمية وبالتالي غير مشجعة على بناء الإنسان بشكل سليم وتحولنا من مجتمع منتج إلى مجتمع استهلاكي اتكالي فئوي.
وأشار الجسمي الى ما حدث مؤخرا من عملية تسييس العلم الذي يعتبر من أخطر الأمور التي تعيق عملية التطور العلمي ومع الأسف بدلا من استخدام العلم في تطوير المجتمع ثقافيا وفكريا تحولت المؤسسات العلمية الى التقسيمات السائدة في المجتمع التي يسودها مظاهر التعصب المختلفة بالاضافة الى إشكالية تسييس المناصب الإدارية في التعليم وهي أحد العوائق التي تعيق عملية التقدم.
وأوضح الجسمي أن هناك بعض الظواهر التي أصبحت مرتبطة بالانتخابات ومنها الانتخابات الفرعية التي نراها في انتخابات الجامعة والتطبيقي وأظهرت لنا فرزا طائفيا وقبليا بالإضافة إلى الاعتماد على الواسطة والمحسوبيات، مشيرا الى ضعف القوة المؤمنة بالديمقراطية داخل المجتمع وعدم قدرتها على الانتشار وتفعيل المؤسسات المدنية في المجتمع من اجل تحديثه.
وأكد أهمية ان تسهم المؤسسات العلمية في المجتمع على خلق انسان منفتح فكريا وثقافيا يتعايش مع الآخرين ويؤمن بالأساليب والطرق المعاصرة في تحديث المجتمع وتطوير واقعه وتحسينه.
من ناحيته، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د.عبدالله الغانم ان هناك العديد من المعايير التي تؤثر على الناخب الكويتي وأبرزها القناعات الشخصية وهل هي قائمة على التفكير في تحقيق الإصلاح السياسي والمساهمة في تقدم الوطن أم لاستغلال الوضع السياسي دون الاكتراث بالمستقبل فهناك من يريد أن يصلح وهناك من يريد ان يستغل بالاضافة الى البيئة السياسية المحيطة، موضحا أن هناك العديد من المرشحين يشجعون الناخبين على ان يكونوا ذا نفس عدائي بما يؤدي الى حالة من الصدام.
وذكر أن هناك عاملا مهما يرتكز على مدى توافر المعلومات الصحية الدقيقة التي تساعد الناخب على اختيار المرشح المناسب أم هي معلومة موجهة مسيسة تسعى الى توجيه الناخب.
وتساءل الغانم: هل الناخب يقوم بعمل تحليل نقدي لكل برامج المرشحين في دائرته الانتخابية ليختار الأفضل أم انه مسيّر تسييرا عاطفيا نتيجة العلاقات؟ موضحا ان جميع تلك العوامل تؤثر على مدى تمتع الناخب بالوعي السياسي واتخاذه للقرار الصحيح.
وأكد أهمية التعليم ودوره في التأثير على الوعي السياسي لأفراد المجتمع لاسيما أن التعليم في الكويت من وجهة نظره لا قيمة له من الناحية النقدية ولم يحقق أي أهداف سوى «محو الأمية» فقط، لافتا الى أن التعليم لم يسهم في منح القدرة للطلاب على التفكير النقدي السليم واتخاذ القرار بناء على تقييمات عقلانية.
بدوره، ذكر مدير مركز تعزيز الوسطية د.عبدالله الشريكة اننا بحاجة ماسة الى زرع مفهوم المواطنة الصالحة في عقول وقلوب الناشئة ومن أسس التعليم وإصلاحه أن نزرع تلك المفاهيم في قلوب الأبناء.
وأفاد الشريكة بأن كل ابناء الشعب ينتمون الى قبائل وعوائل وطوائف ولكن الذي يجمعنا هو الوطن ولا بد ان نوعي الناس بأن الدولة الوطنية تختلف عن الدولة العشائرية والطائفية، موضحا أننا نعاني في الكويت من حسن التنظير والتشريع مع سوء التطبيق ولدينا الكثير من القوانين الجميلة التي تعزز الوطنية ولكن الواقع العملي لحياة الناس ومؤسسات الدولة تناقض ذلك.
وأوضح الشريكة أن المواطنة الصالحة تعني أن تقوم بحقوق وطنك عليك وان تؤدي الواجبات الوطنية لا أن تطالب بالإصلاح وانت من أكثر الناس فسادا ماليا وإداريا.
وذكر أنه من الواجب على الحكومة ان تحرر مؤسساتها من اي احتلال حزبي أو قبلي ويجب ان تكون منابر الدولة الإعلامية والتعليمية والخطب الدينية خاضعة تماما للدولة وترسم استراتيجية محددة وتلتزم بها.
وقال الشريكة إن الإعلام الرسمي في الكويت يعتبر من أضعف وسائل الإعلام على مستوى العالم وبرغم من وجود وزارة إعلام ووكالة أنباء كويتية ومركز تواصل حكومي وناطق رسمي ولكن السؤال: ماذا فعل هؤلاء خلال الأزمة ؟ تنتشر إشاعات ولا يتم نفيها، مشيرا الى أن وزارة الإعلام «مغيبة» تماما عن توعية الناخبين لاختيار الأصلح من المرشحين، مطالبا بضرورة أن تتابع الدولة كل ما ينشر في وسائل التوصل الاجتماعي أولاً بأول.