- الحوطي: أبهر العالم بمهارته وفرض نفسه كأفضل اللاعبين
- الدخيل: لديه شخصية وأسلوب من الصعب تكرارهما
- سليمان: كان وحده معزوفة نغم ولحناً خالداً أجمع على محبته الجميع
- بوعباس: كرة القدم العالمية فقدت أسطورة من النادر أن تتكرر
- موسى: مارادونا تاريخ حافل تعلمنا منه الكثير وظاهرة لن تعود
مبارك الخالدي - عبدالعزيز جاسم
عبر عدد من نجوم الكرة الكويتية عن حزنهم العميق لرحيل الأسطورة الأرجنتينية مارادونا، مشيرين إلى الإرث الكبير الذي خلفه من فنون ومهارات ومتعة كروية قدمها لمحبي كرة القدم، ليس على مستوى الأرجنتين فقط ولكن لكل محبي كرة القدم في العالم، حتى أجمع على حبه الجميع.
في البداية، قال نجم الأزرق السابق سعد الحوطي إننا نشعر بحزن عميق لوفاة الأسطورة والعبقري مارادونا بعد أن كانت الأخبار تتواتر حول تعافيه من عملية جراحية لكن الموت كان أسرع.
وأضاف انه على الرغم من ان الراحل عانى على مستوى حياته الشخصية بعد اعتزاله لكن ذلك لا يقلل من موهبته الفريدة من نوعها فقد فرض نفسه كأفضل اللاعبين في جيل شهد زخما كبيرا من اللاعبين البارزين في مختلف دول العالم سواء في ألمانيا أو هولندا أو المكسيك أو البرازيل والتي أنجبت مواهب لن تتكرر مثل بيليه وبيكنباور ومارادونا، لكن مارادونا بما يمتلك من موهبة فطرية أبهر العالم بصناعته للأهداف أو محاورته للاعبين رغم بنيته الجسمانية لكنه كان قويا أمام العمالقة.
وقال الحوطي إننا نعزي أنفسنا كرياضيين ونقف مع لاعبي العالم الى جانب الشعب في الأرجنتين تقديرا للخسارة الكبيرة، حيث خدم بلاده مضحيا بالكثير حتى حقق كأس العالم 1986، كما وضع بموهبته وإبداعه نادي نابولي على مصاف الكبار ولن يأتي بعده لاعب في موهبته وعبقريته.
أما نجم الكرة الكويتية سابقا فيصل الدخيل فأكد أن رحيل مارادونا خسارة للرياضة، فقد عمل الكثير لكرة القدم وبلده، وهناك أناس من الصعب تكرارهم وبلا شك هو واحد منهم، مشيرا إلى أن مارادونا رفع من مستوى اللعبة من الناحية الفردية وكانت لديه شخصية وأسلوب لا يمتلكه أحد، وما قدمه لبلاده بتحقيق كأس العالم 86 لا يمكن لأي لاعب أن يقوم به.
وأضاف الدخيل أن تأثري بمارادونا كان من خلال الاستمتاع بلعبه وطريقة مهارته، لاسيما أن فترة لعبه صادفت وقت مشاركتي مع القادسية والأزرق.
من جانبه، قال نجم منتخبنا الوطني السابق وائل سليمان: لقد رحلت كرة القدم إلى غير رجعة بوفاة الأسطورة مارادونا. وأضاف أنه كان وحده معزوفة نغم ولحن خالد أجمع على محبته وتفوقه الجميع بمن فيهم خصومه، فلقد ترك إرثا ضخما أينما حل سواء في بلاده الأرجنتين أو في دول أوروبا، وعزاؤنا كرياضيين ما خلفه من نوادر سجلها التاريخ الكروى بأحرف خالدة.
من جانبه، قال نجم النادي العربي بدر بوعباس إن كرة القدم العالمية والأرجنتينية فقدت أسطورة من النادر أن تتكرر، ونحن وبعيدا عن حياته الشخصية نعزي أنفسنا كرياضيين والشعب الارجنتيني وكل الرياضيين في العالم.
وأضاف أننا عشقنا مارادونا الموهوب والفنان والهداف والذي أشغل العالم بلمساته وحركاته وكان مذهلا في خدمة اللعبة والفريق الذي يمثله، وكنا ننتظر اللحظة التي يمسك بها الكرة لنشاهد المتعة الحقيقية لكرة القدم والفنون والمهارة والسحر الذي كان يقدمه، بحيث نال إجماع العالم على أفضليته في زمانه متوجا منتخب بلاده العاشق لكرة القدم ببطولة كأس العالم 1986.
وقال النجم السابق بالنادي العربي أحمد موسى نعزي العالم أجمع بفقدان الاسطورة الممتع مارادونا، وقد شاءت الأقدار ان نتقاسم تاريخ الميلاد واللعب بالقدم اليسرى، وفي كل عام لذكرى تاريخ ميلادي استذكر النجم الكبير لكن مشيئة الله وضعت حدا لحياته العامرة بالتاريخ الحافل، فقد كان مارادونا قدوة للاعبين المهاريين وغيرهم تعلمنا منه الكثير والكثير وهو ظاهرة لن تتكرر علي المنظور القريب.
البداية رائعة.. والنهاية وخيمة
يحيى حميدان
للحديث عن أسطورة الأساطير الراحل دييغو أرماندو، واسمه الأخير بالتأكيد سيعرفه من يقرأ الاسمين الأولين، تحتاج ربما إلى مجلدات لا حصر لها، فمارادونا شغل الناس ووسائل الإعلام منذ أن وطأت قدماه ملعب فريقه الأول أرجنتينوس جونيورز خلال تمثيله لفرق المراحل السنية الى أن وصل للفريق الأول قبل أن يكمل عامه الـ 16 بـ 10 أيام.
تألق مارادونا الواضح جعل الجماهير ووسائل الإعلام تطالب بضمه للمنتخب الأرجنتيني في مونديال 1978 الذي استضافته بلادهم، إلا أن المدرب سيزار لويس مينوتي رفض الرضوخ لهذه المطالبات بسب سنه الصغيرة ووجود لاعبين أكثر خبرة منه.
وهنا يقول المدرب فرانسيسكو كورنيخو الذي اكتشف موهبة دييغو في أرجنتينوس جونيورز: «عندما جاء مارادونا لأول مرة لاجراء التجارب، أدهشتني موهبته حقا ولم أصدق أنه كان فقط يبلغ 8 سنوات فقط، في الواقع طلبنا منه إحضار هويته الشخصية للتأكد من عمره، لكنه أخبرنا أنه لا يحملها، كنا نشكك في عمره حينها لأنه كان يلعب كالكبار على الرغم من تمتعه بجسم طفل صغير، وعندما اكتشفنا الحقيقة قررنا تكريس كل وقتنا له لصقل موهبته ورعايته حتى وصل للفريق الأول».
رحلة مارادونا مع أرجنتينوس كانت مليئة بالنجاحات والتألق فسجل معه 115 هدفا في 167 مباراة وقضى معه 5 سنوات من 1976 حتى 1981 قبل انتقاله للعملاق بوكا جونيورز الذي لطالما حلم بارتداء لونيه «الأزرق والأصفر» مقابل 4 ملايين دولار، ليحقق هناك نجاحات منقطعة النظير وقاده لتحقيق لقب الدوري الأرجنتيني ليكون الوحيد لدييغو على الصعيد الشخصي في موسمه الوحيد الذي خاضه مع الفريق قبل أن يخطفه برشلونة سريعا.
وعكس بدايات مارادونا ونجاحاته.. كانت النهايات عكس ذلك تماما والتي كانت تحديدا عام 1989 بسبب علاقته بالمافيا الإيطالية، حيث قاده هذا الأمر للاحتجاز والتحقيق من قبل الشرطة المحلية هناك بسبب 71 صورة تم نشرها لنجم نابولي آنذاك مع رئيس عائلة جوليانو وهو كارميني الأمر الذي جعل العالم يندهش.
وجود مارادونا مع نابولي ونجاحاته الكبيرة التي حققها هناك لم تعجب المافيا المسيطرة على هذه المدينة بعد أن كلفها خسائر كبيرة في المراهنات التي كانت تصب لصالح فرق أخرى، بيد أن دييغو بات هدفا للمافيا بعدها للاقتراب منه وإغداقه بالهدايا الثمينة والسيارات والأموال وأمنت له المخدرات لتبدأ فصول معاناة مارادونا بعد ذلك مع الإدمان، الذي ظل يعاني منه في العقود الأخيرة من حياته.
شيلتون: أعظم لاعب واجهته
اعتبر الحارس الانجليزي السابق بيتر شيلتون الذي تلقى مرماه هدفا تاريخيا باليد من الارجنتيني دييغو مارادونا في مونديال 1986، ان اسطورة اللعبة الراحل بسكتة قلبية كان «عظيما لكن ليس صاحب روح رياضية».
وقال شيلتون انه لم يكن معجبا لعدم اعتذار مارادونا عن تسجيله الهدف الاول في مرماه في ربع نهائي مونديال 1986 بيده في حركة تاريخية في كأس العالم.
مارادونا الذي وصفه شيلتون بـ «أعظم من واجهته» سجل هدفين في تلك المباراة الشهيرة، والثاني بعدما تخطى ستة لاعبين بينهم شيلتون لتنتهي المباراة بفوز الارجنتين 2-1، قبل ان تتابع مشوارها نحو اللقب الثاني في تاريخها.
قال شيلتون «ما لم يعجبني انه لم يعتذر ابدا. لم يقر في اي مرحلة انه قام بالغش ويريد الاعتذار».
اضاف «بدلا من ذلك استخدم «يد الله». لم يكن هذا الامر مناسبا».
وأضاف «ارتبطت حياتي بشكل كبير بما قام به مارادونا. وليس بالطريقة التي كنت ارغبها».
وكشف شيلتون انه رفض عدة مرات الظهور مع مارادونا «مقاربتي كانت نفسها، وهي سعادتي بالظهور في حال اراد الاعتذار».
ماذا قالت صحف إيطاليا؟
احتفت الصحف الإيطالية بمارادونا النجم السابق لنابولي بكلمات مثل «الأسطورة» و«الخالد»، في الوقت الذي أرفق فيه البعض رقم 10 مع كلمات الوداع باللغة الإسبانية.
وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة «ال ماتينو» الصادرة في نابولي: جراتسي (شكرا لك) لملك كرة القدم، مصحوبة بصورة مارادونا وهو شاب خلال الأعوام السبعة التي قضاها مع نابولي.
وتناولت الصحف الصادرة امس السنوات التي قضاها مارادونا في إيطاليا ومشاكله مع المخدرات والضرائب وأفكاره السياسية اليسارية، مع إعادة إحياء الجدل حول كونه هو أو الأسطورة البرازيلي بيليه الأفضل على مر التاريخ.
أما صحيفة «لا جازيتا ديللو سبورت» الأوسع انتشارا في إيطاليا فأهدت أول 19 صفحة من نسختها الصادرة امس إلى النجم الراحل.
بدوره، كتب جين نوكي الفنان الساخر ومقدم البرامج التلفزيونية في إيطاليا ولاعب كرة القدم سابقا في صحيفة «لا جازيتا ديللو سبورت» بشأن الأسطورة مارادونا «كان يراوغ الجميع بالفعل هنا».
وقد تمت تسمية ملعب سان باولو، معقل نابولي، باسم مارادونا تكريما له على إنجازاته الخالدة مع الفريق.
«وداعاً يا رفيقي..»
ناصر العنزي
«لاعبان معه، إنه يلعب الكرة، عبقري كرة القدم، يمر من الثالث، بإمكانه التمرير لبوروتشاجا، عبقري عبقري عبقري، تا تا تا تا، قووول، أريد أن أبكي يا إلهي تحيا كرة القدم، هدف دييغو، الأفضل على الإطلاق على مر العصور، طائر كوني، من أي كوكب أتيت، عاقبت الإنجليز، أرجنتينا، شكرا لكرة القدم، شكرا لمارادونا، شكرا لهذه الدموع، شكرا لكل هذا».. كانت هذه هي كلمات المعلق الأرجنتيني وهو يصرخ بجنون أثناء وبعد هدف مارادونا الإعجازي في مرمى الانجليزي بيتر شيلتون في ربع نهائي كأس العالم 1986 في المكسيك، بكى المعلق الأرجنتيني يومها وبكى اليوم ومعه العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه، لاعب لن تنجب الأمهات مثله، لاعب غيّر معالم كرة القدم منذ ظهوره وأدخل البسمة في كل بيت، رحل مارادونا فبات العالم حزينا يمسح دموعه.
فيلسوف الكرة وشاعرها، موسيقارها وعازفها وكاتم أسرارها، يعشقها وتعشقه التي ارتبطت معه منذ طفولته وحتى مماته، رحل مارادونا عن الوجود وبقيت آثاره في كل ملاعب الدنيا، هدف في هذا، وهدف في ذاك، وكم من حارس أسقطه، وكم من مدافع غربله، تعرض للضرب في كل أنحاء جسمه ولم تنصفه قوانين التحكيم فكان ينفض «قميصه» ويمسح يديه ويرمق خصمه بنظرة سخرية وشماتة.
رحل دييغو مارادونا عن 60 عاما فنعته الصحف العالمية ووصفته بالأسطورة الذي ابتكر قوانين كروية، وأبدعت صحيفة لوموند الفرنسية في رثائه ووضعت صورة له وأمامه كرة القدم وكتبت: «وداعا يا رفيقي..».
الحظ عانده «مدرباً»
إبراهيم مطر
من قارة أميركا الجنوبية وتحديدا في دولة الأرجنتين مع فريق مانديو، وبعد أن قرر تعليق حذائه والاكتفاء بما قدمه مع «الساحرة المستديرة»، من داخل المستطيل الأخضر على مدار ما يقرب من 21 عاما وإسدال الستار على مسيرته عام 1997 والتحول إلى خارج الخطوط، كانت بداية أسطورة كرة القدم الأرجنتيني مارادونا مع عالم التدريب، إلا أن نجمه الذي سطع وهو لاعب ملأ الآفاق بفنه وكان ملء السمع والبصر لم يحقق على مدى أكثر من عقدين تقريبا أي نجاح، سواء على مستوى الأندية التي دربها، أو حتى مع منتخب بلاده.
التجربة الأولى لمارادونا كمدرب كانت مع فريق مانديو الأرجنتيني، الذي كان يلعب في الدرجة الأولى، بفوز على روساريو سنترال 2-1. وأدار هذه المباراة من المدرجات لأنه لم يكن قد حصل حينها على رخصته كمدرب، لكنه لم يحقق سوى هذا الفوز مع الفريق خلال تجربته التي لم تدم أكثر من شهرين، حيث أقيل بسبب سوء النتائج. وفي العام 1995 حط مارادونا رحاله في نادي راسينج كلوب الأرجنتيني، لكن الحظ عانده أيضا فانتهت التجربة دون أي نجاح ملموس، حيث حقق انتصارين و6 تعادلات و3 هزائم.
أما التجربة الأهم في مسيرة مارادونا كمدرب فهي قيادته لمنتخب الأرجنتين في 2008، حيث بدأ مشواره بفوز ودي على اسكتلندا 1-0 لكن بعدها تلقت الأرجنتين هزيمة تاريخية على يد بوليفيا (6-1) في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، ولاقت صعوبة كبيرة لتصل إلى المونديال الذي خرج منه «راقصو التانجو» بهزيمة قاسية من دور الـ 8 على يد ألمانيا 4-0. وبسبب هذه النتائج أطيح بمارادونا من منصبه في يوليو 2010. لم ييأس مارادونا من حظه مع معشوقته فولّى وجهه نحو منطقة الخليج العربي عبر بوابة نادي الوصل الإماراتي في 2011، واستهل مشواره بفوز على اتحاد كلباء (3-1) في مباراة ودية، قبل أن تتسبب النتائج السيئة للفريق في إقالته بعد عام واحد فقط من توليه المهمة. وبعدها بـ 5 سنوات قرر العودة من جديد للامارات ولكن هذه المرة مع أحد أندية الدرجة الثانية وهو الفجيرة، بغية أن يصعد به الى الدرجة الأولى، لكن تمت إقالته بعد نحو عام تقريبا بعد الفشل في تحقيق هذا الهدف.
ظل مارادونا متمسكا بالأمل فتوجه إلى المكسيك في 2018 مع فريق دورادوس سيناولا في محاولة للصعود به هو الآخر إلى الدرجة الأولى، وقدم موسما طيبا معه «18 انتصارا و10 تعادلات و7 هزائم»، لكن هذا لم يشفع له للتأهل، ليغادر منصبه في يوليو 2019.
أما آخر محطة للأسطورة الأرجنتيني مع عالم التدريب فكانت في بلده مع فريق خيمناسيا لابلاتاو الذي كان يتذيل ترتيب الدوري الأرجنتيني، لكن لوجود انقسامات داخل النادي في ذلك الوقت والنتائج التي حققها مارادونا «5 هزائم و3 انتصارات فقط تقرر إقالته».
بكاء وتصفيق أخير في وداع النجم العالمي
إعداد_زكي عثمان
بكت الأرجنتين بطلها دييغو أرماندو مارادونا، بعد أن وصل جثمانه بعد إلى القصر الرئاسي في بلاده حيث سيسجى ليوم واحد حتى يتمكن أبناء بلده من إلقاء النظرة الأخيرة على أحد أعظم اللاعبين في كرة القدم وأكثرهم إثارة للجدل. وكان مارادونا فارق الحياة أول من أمس عن 60 عاما بعد الإعلان عن وفاته ليغرق العالم بأسره في حزن عميق على أسطورة خالدة ترعرع الكثيرون على مشاهدتها. وأعلن الرئيس الأرجنتيني البرتو فرنانديس فورا الحداد لمدة ثلاثة أيام، قبل أن يعلن أن الجثمان سيسجى ليوم واحد بدلا من ثلاثة كما كان مقررا سابقا في القصر الرئاسي.
ودفن مارادونا أمس في مقبرة «خاردين دي باس» (حديقة السلام) في بيافيستا في شمال شرق بوينوس أيرس حيث يرقد والداه. وكانت زوجته السابقة كلاوديا فيافانيي وابنتاهما دالما وجانينيا وصلن إلى القصر الرئاسي، اضافة الى العديد من اللاعبين الحاليين والسابقين لاسيما زملاءه الذين رفعوا معه كأس العالم في المكسيك عام 1986. وكانت الجماهير قد بدأت بالوقوف في صفوف طويلة خارج القصر الرئاسي «كاسا روسادا» لإلقاء التحية الأخيرة على الأسطورة.
وأفاد المحامي جون برويارد بأن نتائج التشريح الأولية تشير إلى أن سبب الوفاة هو «وذمة رئوية حادة ثانوية وفشل قصور القلب المزمن».
وكانت الحالة الصحية للاعب رقم 10 حذرة في الأيام المنصرمة بعد أن خضع مطلع نوفمبر لجراحة لإزالة ورم دماغي وكان يتعافى في منزله بضواحي العاصمة بوينس أيرس. وانفجرت بوينس أيرس في الهتافات والأبواق وصفارات الإنذار وأضيئت الأنوار للرجل الذي اشتهر بارتداء الرقم 10، بعد دعوات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل «التصفيق الأخير»، حيث استمرت الاحتفالات التكريمية خلال الليل في جميع أحياء العاصمة الأرجنتينية. في ملعب دييغو مارادونا، موطن نادي أرخنتينوس جونيورز حيث لعب مارادونا عندما كان طفلا وظهر لأول مرة كلاعب محترف أطلقت الألعاب النارية مع تدفق الحشود إلى الملعب وهي تصرخ باكية «مارادوو، مارادوو». كما تجمع الآلاف من محبي النجم الارجنتيني خلال الأمسية بالقرب من ملاعب الأندية التي لعب لها في بلاده، في بوينس أيرس (أرخنتينوس جونيورز وبوكا جونيورز)، وروزاريو (نيويلز أولد بويز) وكذلك في لا بلاتا حيث أشرف على نادي خيمناسيا قبل وفاته. وتجمع آخرون حول نصب «اوبيليسكو» في العاصمة وهو مكان تقليدي للاحتفال بالأحداث الرياضية.
كما لفت البعض الى وفاة مارادونا في اليوم نفسه الذي توفي فيه بطله الكوبي فيدل كاسترو (عام 2016) والذي كان يصفه الأرجنتيني بالـ «أب الثاني».
كانت صراعات مارادونا مع المخدرات طوال مسيرته سببا دفع الأرجنتينيين لحماية بطلهم دوما.
لم يصنع برشلونة.. لكن صنع نابولي
هادي العنزي
الاستثناء لغة حالة خاصة تخرج عن القاعدة العامة المتعارف عليها، ومارادونا في كرة القدم هو عين الاستثناء.. وكأي نجم آخذ بالتوهج في سماء المستديرة انتقل في ريعان شبابه من الأرجنتين إلى أوروبا، حيث المال الوفير، والكرة الحديثة، والبيئة الكروية المثالية والصاخبة معا.
برشلونة كانت محطته الأوروبية الأولى.. فبعد تجربة مرة في كأس العالم بإسبانيا 1982 خرج «التانغو» على يد العدو الأزلي البرازيل، وخرج قبلها من «قمة العالم» بالبطاقة الحمراء، كانت الوجهة إلى النادي الكاتالوني العريق ثالث محطاته في الملاعب، فهناك صال وجال «المايسترو» الهولندي أو «بيليه الأبيض» يوهانس «يوهان» كرويف (73-1978)، ومن قبل المجري لاديسلو كوبالا (50-1962)، وكأي موهبة في طور تفتقها نثر «دييغو» سحره الأخاذ على أرجاء المدينة وكان وحده محور حديثها الكروي، لكن الداء والإصابة حالا دون إظهار كل ما في جعبة الساحر، موسمه الأول أصيب بالتهاب الكبد فابتعد عدة أشهر، وفي الموسم الثاني كسر كاحله «طالب شهرة» يدعى اندوني، لكنه رغم ذلك سجل 47 هدفا في 75 مباراة، ولم يطب له المقام بعد خلاف مع الإدارة العليا للنادي فغادر كاتالونيا.
النشأة تحدد خياراتنا.. ومارادونا ترعرع في أحياء فيلا فيوريتو المعدمة جنوبي العاصمة الأرجنتينية بوينس ايرس، ولا يريد تكرار تجربة ناد كبير يملك الإرث والأمجاد والآمال فهي «لا تروي ظمأ الأعماق»، وهو يريد حلما يصنعه بيده، وقصة تروى يكون صانعها وفارسها الأوحد، وهكذا أخذه القدر إلى نابولي.. قمة المجد وهاوية الإدمان!
الأسطورة الأبدية دييغو.. نقل النادي الجنوبي المغمور الذي لم يحقق شيئا يذكر طوال 53 عاما بائسة إلى مقارعة الكبار، وعد فأوفى بتحقيق لقب الدوري الإيطالي ليس لمرة واحدة عابرة بل مرتين موسمي 1986-1987 و1989-1990 وفاز بالكأس الإيطالية 1987 قاهرا «اليوفي» بنجمه بلاتيني، وروما بنجمه الپولندي زبينغيو «لاتو» بونيك، ورومينيغه وجيش الإنتر، وميلان بثلاثي هولندا الذهبي خوليت وريكارد وفان باستن، وزادهم رفعة وتألقا في سماء أوروبا عندما جمع بين النادي الشعبي والمجد الأوروبي بكأس الاتحاد القاري 1989، ووصل الأمر بعشق مارادونا حدا خرافيا في نابولي، حتى إن محبيه انقسموا بين تشجيع بلادهم ومؤازرته في نصف نهائي كأس العالم 1990 بين إيطاليا والأرجنتين حتى في النهائي تلقى صافرات الاستهجان أثناء النشيد الوطني الأرجنتيني مما كان له وقع سلبي على نفسه.
حزن كبير في رثاء أبرز نجوم العالم
فيما يلي أبرز التعليقات حول وفاة بطل العالم 1986 مارادونا:
٭ الأسطورة البرازيلية بيليه: «أتمنى ان نلعب كرة القدم معا في السماء ذات يوم».
٭ النجم الفرنسي ورئيس الاتحاد الاوروبي الاسبق ميشال بلاتيني: «ماضينا قد رحل.. أنا حزين جدا. أشعر بالحنين إلى حقبة جميلة. غادر كرويف ودي ستيفانو وبوشكاش، العديد من اللاعبين الرائعين الذين طبعوا شبابي. دييغو طبع حياتي».
٭ المهاجم البرازيلي السابق رونالدو: «خسرت صديقا رائعا، ألهمتني موهبته مذ كنت طفلا. أنا مصدوم لرحيله، لكن ممتن للقائنا في هذه الحياة. إل بيبي (الفتى) إرثك أبدي. لن ينسى سحرك في الملعب».
٭ الانجليزي غاري لينيكر هداف مونديال 1986: «لم افكر في حياتي أن احدا بمقدوره الاقتراب من مستواه. ميسي قريب منه، ارجنتيني، قصير ورائع بالقدم اليسرى، لكن دييغو كان خارقا. بعد حياة مباركة لكن مضطربة، آمل في أن يجد أخيرا بعض الراحة بين يدي الله».
٭ الروماني جورجي هاجي «مارادونا الكاربات»: «حزن عميق ملأ روحي في اللحظة التي سمعت فيها الاخبار المروعة».
٭ رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الالماني توماس باخ: «وداعا ايها الكبير. كنت روحا مضطربة، لكنك اسعدت العالم كله بمهارتك الكروية. ارقد بسلام».٭ النجم ليونيل ميسي افضل لاعب في العالم 6 مرات: «لقد تركنا ولكنه لن يرحل، لأن دييغو أبدي.. سأحتفظ بكل الذكريات الجميلة التي عشتها معه».
٭ المهاجم سيرخيو اغويرو الزوج السابق لنجلة مارادونا جانينا: «لن ننساك أبدا. ستبقى دوما معنا. شكرا دييغو».
٭ رئيس نادي نابولي أوريليو دي لاورنتيس: «ستكون فكرة جيدة ان يطلق على الملعب اسم سان باولو ـ مارادونا».
٭ كارلو انشيلوتي مدرب نابولي الحالي الذي واجه دييغو حين كان لاعبا في ميلان: «كنت دوما عبقريا.. أنت ابدي يا صديقي».
٭ الاسباني غوارديولا مدرب مانشستر سيتي: «كان هناك لافتة في الارجنتين كتب عليها.. لا يهم ماذا فعلت في حياتك، بل ما فعلته بحياة الآخرين.. بالنسبة لجيلنا، ساهمت كأس العالم 1986 بتحسين الرياضة».
٭ الالماني يورغن كلوب مدرب ليفربول: «أنا بعمر الـ 53 واشعر انه كان جزءا من كامل حياتي. عندما كنت طفلا شاهدته اول مرة وكان في السادسة عشرة او السابعة عشرة. في اي فيديو، يرقص الكرة، منذ تلك اللحظة اصبح اللاعب المفضل لدي».
٭ الفرنسي زين الدين زيدان: «لاتزال كأس العالم 1986 محفورة في ذهني».
٭ الايطالي اندريا بيرلو: «رحل إله كرة القدم. شكرا لك دييغو».
٭ البرتغالي كريستيانو رونالو افضل لاعب في العالم 5 مرات: «اليوم أودع صديقا والعالم يودع عبقريا خالدا. أحد الاعظم على الاطلاق. إنه ساحر لا يقارن بأحد».
٭ المهاجم الفرنسي الشاب كيليان مبابي «ستبقى في تاريخ الكرة الى الابد. شكرا لكل السعادة التي منحتها للعالم».
٭ الاسباني رافايل نادال حامل لقب 20 بطولة كبرى في كرة المضرب: «هناك فجوة في عالم الرياضة وكرة القدم اليوم. احد اعظم الرياضيين تركنا».
٭ رئيس الاتحاد الدولي فيفا السويسري جاني انفانتينو: «قلوبنا توقفت عن الخفقان للحظة. صمتنا، دموعنا، ألمنا هو الشيء الوحيد الذي نشعر به في داخلنا في الوقت الحالي».
٭ رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم السلوفيني الكسندر تشيفيرين: «أحد أكبر رموز كرة القدم العالمية. لامس المجد كلاعب ممتاز بعبقرية وكاريزما».
انتقاد لبطء خدمة الطوارئ
قال محامي الراحل، ماتياس مورلا إنه سيطلب إجراء تحقيق كامل في ملابسات وفاة نجم كرة القدم وانتقد ما قال إنه رد فعل بطيء من خدمة الطوارئ.
وقال مورلا عبر «تويتر»: «ما لا يمكن تفسير هو أن يظل صديقي لمدة 12 ساعة دون أي اهتمام أو فحص من الموظفين المخصصين لهذا الغرض».
وأضاف أن سيارة الإسعاف استغرقت أكثر من نصف ساعة للوصول وهي «حماقة جنائية»، مشيرا إلى أنه لا ينبغي «تجاهل» الحقيقة وأنه سيسعى إلى تحقيق كامل في الأمر.