من إعداد: د.بشائر صلاح عبدالله الغانم
الأستاذ المساعد بتخصص القانون الدولي الخاص - قسم القانون الدولي- كلية الحقوق - جامعة الكويت.
[email protected]
من خلال مسيرتي الأكاديمية القانونية في قراءة الأحكام الصادرة عن القضاء البريطاني والأوروبي ومتابعتها، التي بدأت في عام 2008، فإن الحكم الأخير الصادر عن المحكمة البريطانية بشأن الدعوى المرفوعة ضد مدير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السابق وآخرين يعد بحد وصفي واطلاعي أطول حكم قرأته حتى الآن، وقد سطرت المحكمة حيثياتها ومنطوقها في 160 صفحة.
في 6 نوفمبر 2020 أصدرت الدائرة التجارية في المحكمة البريطانية العليا حكما يتناول جزئية «مدى اختصاص المحكمة البريطانية في القضية المرفوعة من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ضد مدير المؤسسة السابق وآخرين» (مجموع عدد المدعى عليهم الكلي في الدعوى 37).
وبداية، يعد قيام المحكمة في بريطانيا بالتصدي لهذه المسألة ذا أهمية بالغة، بسبب أنه لا توجد هيئة قضائية دولية مختصة بنظر الدعاوى التي تتسم بالطابع الدولي في علاقات الأفراد وتعاملاتهم المتزايدة في أقاليم دول مختلفة، أي تلك العلاقات التي تعدت الإقليم الوطني، ولهذا تنفرد كل دولة بتحديد حالات اختصاص محاكمها الوطنية وفق قانونها، أو تطبق النصوص الواردة في الاتفاقيات التي تلتزم بها.
والبت في مسألة الاختصاص في القضايا ذات الطابع الدولي للعلاقات القانونية الخاصة لا يعني وجود محاكم خاصة داخل الدولة تتكفل بهذا النوع من القضايا، وإنما هذا الأمر يدخل في صميم وظيفة القاضي في التصدي لها وبيانها.
والأهمية الأخرى لذلك أن بيان انعقاد الاختصاص القضائي للمحكمة البريطانية في هذه الدعوى له تأثير مستقبلا، يظهر في مرحلة تنفيذ الحكم الصادر عنها، الذي سيفصل في موضوعها، والسبب أن هذا الحكم المستقبلي من المنطقي أن ينفذ في بريطانيا وفي الخارج أيضا، ومن ثم إذا أريد تنفيذه في بريطانيا فإن ذلك لا يشكل معضلة، إذ إن الدولة تنفذ الأحكام الصادرة عن محاكمها الوطنية، وإن رغب المدعي في تنفيذه خارج بريطانيا فإن الحكم في هذه الحالة يكون خاضعا لشروط تنفيذ الحكم الأجنبي الواردة في دولة التنفيذ أو الاتفاقيات، إن وجدت.
وأغلب القوانين تشترط عدة شروط لتنفيذ الحكم الأجنبي، أحدها أن يكون الحكم صادرا عن محكمة مختصة وفقا لقانونها، ومن ثم يستلزم على القضاء البريطاني هنا تأسيس حكمه تأسيسا صحيحا كي يكون الحكم المستقبلي الفاصل في الموضوع قابلا للتنفيذ، فلهذا، يعتبر بداية البداية. وقبل شرح المسائل القانونية يحسن أن نجيب عن بعض التساؤلات المبدئية.
ما مدى صحة تأسيس المحكمة البريطانية حكمها على قوانين أوروبية مع العلم أن بريطانيا أعلنت انسحابها من الاتحاد الأوروبي؟
٭ القوانين الأوروبية مازالت سارية في بريطانيا، ويلتزم القضاء البريطاني بتطبيقها. ومرجعنا في ذلك هو المادة 67 من اتفاقية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التي حصلت على القبول الملكي في 23 يناير 2020، وبموجب هذه المادة يستمر العمل بنظام بروكسل في بريطانيا للدعاوى التي ترفع قبل 31 ديسمبر 2020، أي قبل انقضاء الفترة الانتقالية (ولم تغفل اتفاقية الانسحاب بيان حالات أخرى)، ما يعني أن أي دعوى قضائية ترفع في بريطانيا قبل هذا التاريخ وموضوعها يندرج ضمن نطاق نظام بروكسل فإنه يتم إعمال نصوصه.
ما الصلة بين نظام بروكسل واتفاقية لوغانو؟
٭ من الجدير التنويه من قراءتنا للحكم أن القضاء البريطاني استند إلى مصدرين قانونيين، هما: نظام بروكسل المعدل (اختصارا نظام بروكسل) واتفاقية لوغانو، ولهما تاريخ طويل من التعديلات المتلاحقة، وهما من اتفاقيات القانون الدولي الخاص الموحدة على المستوى الأوروبي.
يضم نظام بروكسل وهو اتفاقية أوروبية عضوية ما يقارب 27 دولة أوروبية، وهدفه تعزيز التعاون القضائي في مجالي الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام القضائية بين الدول الأوروبية الأعضاء.
غير أن هناك دولا أوروبية لم تنضم إلى هذا النظام، وهي كل من النرويج وأيسلندا وسويسرا (تسمى الدول الأعضاء في الجمعية الأوروبية للتجارة الحرة)، ولكي يتم التعاون بين هذه الدول ودول الاتحاد الأوروبي أبرمت لاحقا اتفاقية لوغانو عام 1988، ثم عدلت في 2007، وبموجبها امتدت أحكام نظام بروكسل إلى هذه الدول تعزيزا للتعاون القضائي وتنفيذ الأحكام.
ويتطابق النطاق الموضوعي بين نظام بروكسل واتفاقية لوغانو في المسائل المدنية والتجارية بموجب حكم المادة 1 من نظام بروكسل والمادة 1 من اتفاقية لوغانو.
وهنا يتضح لنا سبب تطبيق كل من المصدرين القانونيين، وهو كون بعض المدعى عليهم ينطبق عليهم بنود الاختصاص الواردة في نظام بروكسل بينما هناك آخرون منهم تنطبق عليهم بنود الاختصاص الواردة في اتفاقية لوغانو.
إذن، لماذا تطرق القضاء البريطاني لقواعد الاختصاص الوطنية المعمول بها في بريطانيا على الرغم من سريان الاتفاقيات الأوروبية؟
٭ وفق مفهوم التعاون على المستوى الأوروبي فإن الاختصاص ينبني على ضوابط معينة، إذا انتفت فإن قضاء الدولة العضو يحق له تطبيق قواعد الاختصاص الوطنية (سنفصل ذلك لاحقا).
ولأهمية الحكم على الصعيد القانوني والسياسي، نقوم ببيان أهم ما تناوله الحكم:
اعتبارات الاختصاص القضائي في نظام بروكسل واتفاقية لوغانو
بشكل عام، يثبت الاختصاص القضائي للمحاكم وفق التنظيم القانوني لهذين المصدرين بناء على ضوابط أساسية: (أ) الاختصاص الشخصي Personal Jurisdiction (ب) الاختصاص الخاص Special Jurisdiction ويقابله في فقه القانون الدولي الخاص بالدول العربية مصطلح ضوابط الاختصاص الموضوعي (ج) الاختصاص الحصري Exclusive jurisdiction.
ناهيك عن بنود الاختصاص المتعلقة بعقود التوظيف والتأمين والاستهلاك. ولعل المصدرين يقومان على ضابط أساسي، وهو ضابط الاختصاص الشخصي، ويراد به أن تكون للمحكمة التي تنظر الدعوى صلة بالمدعى عليه (طبيعيا كان أو اعتباريا) بأن يكون ضمن إقليمها.
وفي هذه الحالة تنص كل من المادة 4 من نظام بروكسل والمادة 2 من اتفاقية لوغانو على اختصاص المحكمة في الدولة العضو بنظر الدعوى متى كان للمدعى عليه موطن domicile في هذه الدولة العضو بغض النظر عن جنسية المدعى عليه.
ويتحقق ذلك في الدعوى الماثلة، كون المدعى عليه الأساسي كويتي الجنسية وله موطن في بريطانيا وكذلك وجود مدعى عليهم آخرين من أشخاص وشركات ينطبق الشرط عليهم، ومن ثم تكون الصلة متحققة بين هؤلاء ودولة المحكمة (بريطانيا).
ما مدى اختصاص المحكمة إذا تعدد المدعى عليهم؟
٭ في القضايا ذات الطابع الدولي، من الوارد أن يختصم في الدعوى أكثر من طرف، وهو وضع قانوني يسمى اختصاص المحكمة الأصلية بالدعوى من خلال الارتباط بمدعى عليهم متعددين لا صلة لهم بدولة هذه المحكمة، إلا أنها تختص بشأنهم متى كان لأحدهم موطن فيها. وقد نوهنا في مقدمة المقالة إلى أن عدد المدعى عليهم 37، بمن فيهم المدعى عليه الأساسي الكويتي الجنسية.
وقد تصدت المحكمة لسؤال مفاده: ما مدى اختصاصها بشأن مدعى عليهم آخرين، لهم موطن في دولة أوروبية عضو؟.
ولعل من المتعين تطبيق ما ورد في نصي المادة 8 (1) من نظام بروكسل والمادة 6 (1) من اتفاقية لوغانو، اللتين تنظمان حالة اختصاص المحكمة العضو إذا تعدد المدعى عليهم بالقول: إن بالإمكان اختصام شخص له موطن في إحدى الدول الأعضاء أمام محكمة عضو أخرى اختصت أصليا بحق أحدهم متى كان المراد اختصامه أحد المدعى عليهم، ويكون ثمة ارتباط بين الطلبات الموجهة إلى المدعى عليهم، ويكون من الملائم نظرها معا، تجنبا لصدور أحكام متعارضة لو نظرت الدعاوى على استقلال أمام محاكم مختلفة، وهو ما يعني أنه لاختصاص المحكمة البريطانية في اختصام مدعى عليهم آخرين لهم موطن في دول أعضاء يجب أن تتحق تلك الشروط مجتمعة.
ويلاحظ من الأحكام التي ساقتها المحكمة أن الارتباط المطلوب بين الطلبات لا يعني اتحادها أو تشابهها، إذ من الممكن أن تكون الطلبات مختلفة موضوعيا.
ولأن هذا البند يعمل به وفق هذه الشروط التي تحد من إطلاق الاختصاص فهو بديهيا يتطلب جهدا في الإثبات وإقناع المحكمة بتبيان ملاءمتها في نظر هذه الطلبات الموجهة للمدعى عليهم المتعددين.
وهذا يقودنا إلى سؤال آخر، مفاده: هل رفض القضاء البريطاني اختصاصه عن بعض المدعى عليهم يمنع المؤسسة من مقاضاتهم أمام محكمة دولة موطن المدعى عليهم وفق نظام بروكسل أو اتفاقية لوغانو؟ والإجابة بالنفي، بل يكون للمدعي عند رفض الاختصاص على مدعى عليه عند تعددهم أن يرفع دعوى ضده أمام محكمة موطنه مع ضرورة الأخذ في الاعتبار ضرورة مراجعه قيام ضوابط الاختصاص بحقه.
هل يجوز لإرادة الأطراف سلب الاختصاص من المحكمة العضو المختصة ومنحه لمحكمة عضو أخرى؟
٭ لعل سبب عدم اختصاص القضاء البريطاني في مواجهة بعض المدعى عليهم بالارتباط يكمن في هذه الجزئية، حيث يدعي هؤلاء المدعى عليهم (بنوك سويسرية) بوجود شرط في عقد فتح الحساب يتضمن اتفاقا لتعيين الاختصاص للمحاكم السويسرية، وآخر للمحاكم في لوكسمبورغ فيما يثار بين البنك والعميل (مؤسسة التأمينات) من خلافات.
وهذا الأمر يطلق عليه في فقه القانون الدولي الخاص اتفاقات اختيار المحكمة المبني على إرادة الأطراف choice of court clause.
فهنا يثبت الاختصاص للمحكمة التي عينت باتفاق الأطراف وإرادتهم لنظر النزاع مقدما قبل نشوء النزاع أو عند نشوئه، وقد تكون محكمة موطن أحد الأطراف أو ليس له موطن فيها.
وبموجب هذا الاتفاق يسلب الاختصاص من محكمة مختصة ويمنح لمحكمة أخرى بإرادة الأطراف.
ولعل هذا الأمر يختلف تنظيمه عما هو متعارف عليه في الكويت، كون اتفاقات سلب الاختصاص عن القضاء الكويتي لمنحه لمحكمة أجنبية تعد مرفوضة، لمخالفتها للنظام العام، في حين يجيز كل من نظام بروكسل واتفاقية لوغانو هذا الأمر وفق ضوابط معينة.
وقد أقر هذا الضابط (إرادة الأطراف) كمناط لعقد الاختصاص كل من المادة 25 من نظام بروكسل والمادة 23 اتفاقية لوغانو.
والاعتراف للاتفاق المبني على إرادة الأطراف بأثره في منح الاختصاص للمحكمة المختارة بإرادتهم يستلزم أن يكون هذا الاتفاق: (أ) مكتوبا أو ثابتا بدليل كتابي أو (ب) يتوافق مع الممارسات بين ذات الأطراف أو (ج) يتوافق مع استخدامات التجارة الدولية وأعرافها، حيث يكون معروفا على نطاق واسع في مثل هذه التجارة.
والحاصل أن المحكمة البريطانية رفضت اختصاصها على بعض المدعى عليهم المتعددين (بنوك سويسرية) معللة ذلك بوجود شرط اختيار المحكمة مستوفيا لشرط الكتابة، وتحقق الإشارة إليه في نص العقد المبرم صراحة وموقعا عليه من الأطراف ودون إذعان.
لعلنا نجد أن المصدرين الأوروبيين يجمعان على أن الأثر المانح لاختصاص إحدى المحاكم الأوروبية العضو يعد ضابطا قانونيا للاختصاص أسوة بغيره من ضوابط الاختصاص الأخرى.
ولعلنا نرى أن الموقف الأوروبي في هذا الصدد يوازن لتحقيق هدف التوحيد بين التعاون القضائي على المستوى الأوروبي من ناحية، واحترام إرادة الأطراف من ناحية أخرى.
هل تعيين محكمتين بإرادة الأطراف يبقي هذا الاتفاق حصريا؟
٭ ينص العقد المبرم بين بعض المدعى عليهم مع المؤسسة على منح الاختصاص الحصري للمحكمة بجنيف في سويسرا أو لوكسمبورغ، والسؤال المطروح هو: هل تعيين الاختصاص لمحكمتين بإرادة الأطراف ينزع عن هذا الاتفاق صفة الحصري؟.
وفق نص المادة 25 من نظام بروكسل والمادة 23 من اتفاقية لوغانو يحق للأطراف اختيار محكمة أو محاكم بدول أعضاء، ومجرد وجود هذا التعيين يعد اتفاقا حصريا ما لم يتبين خلاف ذلك.
بالنظر إلى صياغة بند الشرط العقدي بشأن الاختصاص القضائي المتفق عليه بين الأطراف نجد أنه تضمن كلمات، مثل «وحدها»، «الحصري»، ومن ثم يكون اختيار الأطراف للمحكمتين جاء اختيارا حصريا، وهو ما يعني أن المحكمة البريطانية لا تختص بنظر الدعوى بشأن الطلبات الموجهة إلى هؤلاء المدعى عليهم فقط.
ما مدى اختصاص القضاء البريطاني بشأن مدعى عليهم آخرين ليس لهم موطن في أي دولة أوروبية عضو؟
٭ يذكر البند 14 التوضيحي لنظام بروكسل أنه إذا وجد مدعى عليه ليس له موطن في إحدى الدول الأعضاء فإنه لا تطبق أحكام النظام، بل على الدولة المرفوع أمام محاكمها النزاع أن تعمل قواعد اختصاصها الوطنية.
ولهذا الأمر يتم الاعتماد على ما هو معمول به في بريطانيا، وهو قواعد النظام الإنجلوسكسوني Traditional rules، وبخاصة الجزء السادس، الوارد في قواعد الإجراءات المدنية The Civil Procedure Rules، ويتطلب إعمال هذا الجزء أن يحصل المدعي على إذن من المحكمة لاتخاذ إجراء إعلان المدعى عليهم في الخارج، وكي تأذن المحكمة بذلك على المدعي تبيان العوامل الجدية لاختصامهم في بريطانيا كمحكمة ملائمة.
وتقدير توفر العوامل المؤدية لوجود هذه الصفة يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة بأنه من الملاءم تداول النزاع أمامها بما يحقق مصلحة الأطراف وسير العدالة.
ويخضع تحديد ملاءمة المحكمة لعنصرين أساسين هما أولا، تحديد المحكمة لنوع النزاع والمسائل القانونية والعملية، وهذا ما قامت به المحكمة البريطانية فعلا في تبيان عدة عوامل منها على سبيل المثال ان الأوراق والمستندات مكتوبة باللغة الفرنسية، وهي لغة المحكمة السويسرية فلا تحتاج أي ترجمة وأيضا أن العمليات البنكية وان كانت باسم البنكين الواقعين خارج الاتحاد الأوروبي، إلا أن ادارة وإشراف هذه العمليات كان في جنيف.
وثانيا، على المدعي إثبات أن العدالة لن يتم تحقيقها في الخارج حتى ولو كانت القضية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدولة الأجنبية أكثر من بريطانيا، فرأت المحكمة مع جملة أخرى من العوامل ان التقاضي أمام المحكمة البريطانية سيتطلب منها الاستعانة بخبراء لتفسير القانون الكويتي والسويسري كقوانين أجنبية، فهنا حكمت برفض اختصاص المحكمة البريطانية بشأن هذين المدعى عليهما واعتبرت المحكمة البريطانية غير ملاءمة للاختصاص بشأنهما Forum non conveniens.
وخلاصة الأمر، الدعوى في بدايتها لم تفصل في الموضوع الى الآن :
وأن اختصاص المحكمة البريطانية مازال قائما بشأن المدعى عليه الأساسي وآخرين لهم موطن في بريطانيا.
أن ضوابط الاختصاص الواردة في الاتفاقيات الأوروبية ملزمة التطبيق، بينما ضابط الاختصاص وفق النظام الإنجلوسكسوني المتبع في بريطانيا ذو طابع تقديري ويمارس وفق عناصر واقعية وقانونية.
عدم اختصاص المحكمة البريطانية، إنما كان بسبب وجود الاتفاق الحصري، وهو أمر موجه لبعض المدعى عليهم فقط، ويترتب على ذلك ملاحظتان: الأولى استمرار اختصاص المحكمة البريطانية بشأن طلباتها الأساسية في مواجهة من اختصت بهم.
والثانية إمكانية إقامة دعوى أمام القضاء السويسري بخصوص الطلبات الموجهة لمن رفضت ممارسة الاختصاص عليه.
لا جدوى من إعادة رفع دعوى قضائية جديدة بالطلبات ذاتها أمام القضاء السويسري ضد 37 مدعى عليه (الطلبات الأصلية التي اختص القضاء البريطاني فيها وتلك التي لم يختص فيها)، والسبب أن القضاء السويسري سيواجه الصعوبة ذاتها في إثبات اختصاصه بشأن بعض المدعى عليهم، لكثرتهم.
سيستمر القضاء البريطاني في إعمال اتفاقيات التعاون القضائي الأوروبية، حتى بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كون هذه الدعوى رفعت أمام المحكمة البريطانية بتاريخ سابق على الانسحاب.
ونختم بالإشادة المكتوبة في نهاية الحكم: «إنني في غاية الامتنان لجميع الفرق القانونية، وللخبراء، لما قدموه من معلومات وأدلة فائقة المعرفة والبراعة».