أسامة بن منقذ
هو الأمير المحارب الكاتب الفارس الشاعر السياسي الديبلوماسي المؤرخ السوري في العصور الوسطى - يعرفه الغرب ربما أكثر مما يعرفه الشرق، وترجم كتابه الأشهر «الاعتبار» الى الفرنسية والألمانية منذ قرون، لكونه «وثيقة اجتماعية تاريخية» نادرة من وثائق الحروب الصليبية، و«احتكاك الفرنجة الغربيين بالمسلمين والعرب الشرقيين»، بحيث سجل ادق تفاصيل حياتهم وبيوتهم.
(أسامة بن منقذ) أمير من أسرة (مقلد بن نصر بن منقذ الكناني)، الذي أسس إمارته على جسر «بني منقذ» عند قلعة «شيزر» الأثرية شمال مدينة «حماة» السورية.
وكان بين بني منقذ، الأعيان والعلماء والفرسان. ولد أسامة بن منقذ حوالي عام 488هـ 1095م قبل اندلاع الحرب الصليبية بعامين، وقبل سقوط القدس بأربعة أعوام.
دربه والده على الفروسية والقتال والصيد وتلقى علوم الدين واللغة فأصبح شاعرا وفارسا، سافر الى القدس بتكليف من «معين الدين» سلطان دمشق عام 1138، وتوقف عند نابلس وعجلون «في فلسطين اليوم» وكتب عن اهلها ونسائها والفرنجة والعرب، واستطاع عقد هدنة مع ملك الفرنجة ضد سلطان الموصل (زنكي)، وأصبح أقرب للفرنجة، وعرفهم، فتحدث عن عاداتهم، التي وصفها بكثير من الدهشة والسخرية، وصدم بجهلهم التام بالطب والدواء.
لكنه دخل بعد عودته في خدمة (زنكي)، وحارب الى جانبه والى جانب ابنه (نور الدين) الذي أصبح سلطان دمشق، ضد الصليبيين في مصر، شهد الأحداث الدامية أواخر عهد الفاطميين، وأثناء العودة حوصر في عسقلان فساعد اهلها في المقاومة ضد الفرنجة.
وأغار الصليبيون على المركب التي عاد عليها، فقد 4 آلاف من كتبه الفاخرة مما احزنه بشدة، كما عاش الزلزال الرهيب عام 1156، في حلب وطرابلس وبيروت وحمص ودمر قلعة شيزر، ففقد معظم اهله، وانتهت امارة بني منقذ هناك اعتكف (أسامة) بعدها في حصن على نهر دجلة للكتابة! وتدوين الاحداث حتى استدعاه صلاح الدين الايوبي وعينه مستشارا وقائدا من قادة جيشه.
ترك أسامة بن منقذ كتاب «الاعتبار» الذي ضمنه اخبار الحروب والناس تحت الحصار، واخبار العلماء والفرسان، وصور فيه حياة الفرنجة والعرب، واختلاطهم.
كان أسامة يكتب اشعاره على الجدران وهو في طريقه الى الحج او الغزو ترك واحدا من اهم كتب الادب: «البديع في نقد الشعر»، كما ترك «المنازل والديار» عن الاطلال بعد احداث الحروب، وكيف كانت وإلى اي شيء آلت، فعرفنا منه ما جرى للمدن في الشام تحت اقدام الصليبيين.
عاش اسامة بن منقذ 93 سنة ومات عام 1188م.
من كتاب: شخصيات صنعت التاريخ ـ أسيمة جانو