قال صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» الصاحب ساحب، والصديق قبل الطريق ومسميات أخرى كثيرة عن الصحبة والصداقة، وكلها تبين وتوضح أهمية الصديق في مشوار الحياة، فالصديق يعتبر هو أنت، والصداقة على قسمين:
صديق يدل على الخير ويرشد اليه، وصديق يدل على الشر ويوقعك فيه.
ويظن البعض أني بهذا الموضوع أخاطب فئة الشباب فقط! لا، بل أخاطب به الجميع، فالصديق يعتبر بطانة لصديقه، ومرآته التي ينظر بها، كما قال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
ففيه دليل عنه بالطبع تهتدي
ولابدع في وفق الطباع إذا اقتدت
فكل قرين بالمقارن يقتدي
وإن تصطحب قوما فصاحب خيارهم
لتصبح في ثوب الكمالات مرتدي
وجانب قرين السوء يا صاح صحبة
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
فلابد لكل صديق أن يكتسب طباع صديقه وخليله، فإن كان في الخير عمل مثله، وإن كان في الشر شاركه.
فعن أبي موسى الأشعري: أن النبي ﷺ قال: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير،
فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة» متفق عليه.
فكم شابا قد ضاع بسبب صاحبه وصديقه الذي سار به إلى درب الغواية والضياع حتى أصبح بين أمرين إما سجينا وإما مقتولا عياذا بالله، وبعدها يتبرأ منه ولا يعترف بصداقته، بل ويهرب من ذكر اسمه حتى لا يعير به.
قال الله تعالى: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو)، فحذار أن تصادق عدوا من حيث تدري أو لا تدري، فالنتيجة واحدة وهي دمار الدين والدنيا والبكاء والندم والحسرات، فليست الصداقة بالأعداد والكم، ولكنها بالكيف والتمييز،
فكم صديقا أورد صاحبه المهالك من المخدرات والمسكرات والمحرمات ثم بعدها يتركه للويلات يعاني من هذه الأمراض التي يصعب الخلاص منها، قال الله تعالى: (إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب)، وكم رجلا عاقلا تأثر حتى تحدر في الانحراف إلى الغواية، فالصداقة والصلاح أو الضياع لا تقف عند عمر معين، ولا منصب معين، لذا ندعو دائما بصلاح البطانة للمسؤولين لتعينهم وتساعدهم وترشدهم وتتواصى معهم على المعروف والبر والإحسان، ولا يرتبط ذلك بكبير أو شاب لا يفكر، فتفاحة واحدة في صندوق تتلفه كله ثم يكون مصير هذا الصندوق الحاوية.
وفي الجانب المضييء هناك أصدقاء وصحبة طيبة مباركة موفقة تعينك على دينك ودنياك بالتواصي بالحق والصبر عليه، والسير على طريق الصواب والهداية، فالخير سبيلهم والمعروف طريقهم، والعمل الصالح منهجهم، فهذه النخبة المباركة لا تجامل على حساب دينها ودنياها، فمن وافقهم في الخير رحبوا به وقبلوه.
قال الله تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)، فمن وجد هذه الصحبة فعليه بالتمسك بها، فإنهم خير زاد في طريق الحياة.
يجمعهم الحب في الله، يجمعهم الدين والإيمان، يجمعهم العمل الصالح، تجمعهم الصلاة والعمرة والحج وعيادة المرضى واتباع الجنائز، يجمعهم الوقوف معك في أمر دنياك أيضا في أوقات الأفراح والأحزان لا قدر الله عز وجل.
فالحياة معهم أشبه بالحلاوة كما وصفها النبي ﷺ حيث قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار».
هكذا هي حياة الصحبة الطيبة والصاحب الكريم.
والحديث عن الصداقة والصحبة يطول، لكن الخلاصة انت الذي تحدد هويتك من خلال اختيارك لأصدقائك.