- الطبطبائي: رشوة الناخب «كبيرة» وإفساد للمجتمع وقبولها مُحرَّم بقصد أو من دون قصد
- الشطي: منكر خطير يُدمَّر الذمم والمجتمعات ويجلب الفساد للبلاد وصاحبها ملعون
انتشرت في الآونة الأخيرة عملية تقديم الرشاوى والهدايا لشراء الأصوات في الانتخابات، فالبعض يدفع لأبناء دائرته أموالا أو يمنحهم هدايا حتى يضمن اختيارهم له، فما الحكم الشرعي لهذا العمل؟ وهل هذه الهدايا تعتبر رشوة؟
حرام شرعاً
يؤكد العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.محمد الطبطبائي أن الرشاوى بجميع أنواعها وأشكالها محرمة في الشرع الإسلامي، وقبولها من البعض محرم سواء بقصد أو دون قصد، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي، والرائش الذي يمشي بينهما» ومن هنا فالراشي والمرتشي ملعونان ويجب على من يمارس حقه في الترشيح أو الانتخاب ان يعرف الأحكام الشرعية الخاصة بهذا الأمر أو ذاك، فالترشيح لنيل العضوية يتطلب تحقيق مجموعة من الشروط منها ألا تكون نية المرشح التنافس على مناصب الدنيا أو الحصول على مكسب من مكاسبها الزائلة، وألا ينافس من يعلم انه أكفأ منه وأجدر لهذا المنصب، فإذا علم ان احدا أكفأ منه وأجدر لهذا العمل فعليه ألا يقدم نفسه عليه.
وأضاف د.الطبطبائي: يجب أن تتوافر في المرشح القدرة على القيام بحق هذا العمل وواجباته من الإصلاح والمتابعة وما تقتضيه نيابة العضو عن أبناء شعبه الذين انتخبوه، وفي المقابل يجب على الناخب ان يبحث عن الأكفأ للاختيار ممن تتوافر فيه الكفاءة والقدرة على القيام بالعمل الذي سيوكل له بالعدالة والحكمة، فإذا توافرت هذه الشروط في المرشح فلا يجوز اختيار غيره بحجة مبادلة الأصوات أو شرائها أو غير ذلك، كما أن على الناخب ان يحذر من ان يكون اعتبار الاختيار لصلة القرابة أو الصداقة أو الجوار أو المصلحة أو للجماعة أو الفرقة التي ينتمي اليها.
وشدد د.الطبطبائي على ألا يكون المرشح قائما على أساس الرشوة سواء كانت مادية أو لمصالح أخرى، فهي حرام شرعا وان دفع ذلك منهما، اي من المرشح والناخب فهما ملعونان وعلى من أخذ الرشوة ان يردها فورا على الراشي.
وحدد د.الطبطبائي مجموعة من الآداب التي يجب ان يتحلى بها المرشح في فترة الدعاية الانتخابية، من أبرزها التحلي بالخلق الإسلامي الرفيع بين الناس، وألا يتكلف المبالغ الكبيرة في حملته الانتخابية حتى لا يقع في الإسراف المنهي عنه شرعا وألا يذكر أحد منافسيه أو غيرهم بسوء، وان يكون صادقا ويحرم عليه تقديم الرشاوى مهما كان نوعها مباشرة أو غير مباشرة.
وأكد د.الطبطبائي حرمة اختيار الناخب لمن قام برشوته لتيقنه من عدم أمانته وعدم أهليته لتحمل المسؤولية.
وذكر 5 أمور واجبة على كل من أخذ رشوة لاختيار أحد المرشحين في مجلس الأمة: أولها: التوبة الى الله تعالى لأنه اقترف ذنبا عظيما، ووقع في كبيرة من كبائر الذنوب، وقد قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) والله تعالى غفور رحيم يقبل التوبة من عباده، ويغفر لهم ذنوبهم، أما الأمر الثاني: فهو العزم على ألا يعود ذلك مستقبلا لأن ذلك من شروط التوبة النصوح سواء لذنب الرشوة في الانتخابات أو غيرها، والعزم على عدم العودة لذلك الذنب لأن الرشوة حرام مطلقا، وهي إفساد للمجتمعات، والأمر الثالث: إرجاع مبلغ الرشوة الى صاحبه لأنه سحت، وأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به، ومن لم يستطع إرجاعه الى صاحبه فينفقه في مصالح المسلمين العامة، ولا تحل له الاستفادة منه بأي حال من الأحوال.
وعن الأمر الرابع الواجب على من أخذ رشوة قال عنه د.الطبطبائي: حرام عليه ان يختار من قام برشوته لأنه قد تبين له عدم أمانته وعدم أهليته لهذه المسؤولية ويستحب له ان ينصحه بألا يقع في هذا الذنب.
والأمر الخامس: هو التكفير عن حلفه إن كان قد حلف للمرشح بانه سيصوت له، سواء حلف على المصحف أو مجرد الحلف بالله تعالى، وذلك بإطعام 10 مساكين أو كسوتهم، فإن لم يستطع فصيام 3 أيام.
ونصح د.الطبطبائي الناخبين والناخبات بتقوى الله تعالى واختيار الأكفأ والأصلح من المرشحين من دون اي اعتبار آخر، ويحتسب أجر أداء الأمانة الى أهلها.
رشوة مغلَّفة
أما الأستاذ بقسم العقيدة والدعوة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.بسام الشطي فقال: إن رشوة الناخب وشراء صوته منكر خطير وشر كبير ويدمر الذمم والمجتمعات ويجلب الفساد للبلاد وسخط رب العباد، وهو من الرشوة التي لعن صاحبها واللعن هو الطرد من رحمة الله عز وجل والرشوة من الظلم الذي لا يرضاه الله تعالى واذا لم يؤخذ على يد الظالم يوشك ان تهلك البلاد بهذا الظلم والعياذ بالله، ومن قام بهذا الفعل سواء الراشي أو المرتشي الوسيط يدخل في الحديث «لعن الله الراشي والمرتشي».
وبين د.الشطي أن أنواع الرشوة مختلفة في صورها لكن المضمون واحد، ومن هذه الصور تعيين المواطنين من أجل كسب ود الناخب للتصويت، وهذا يرجع لنية المرشح ان كانت مساعدته لوجه الله فهذا يؤجر عليه، وإذا كان المرشح سيؤدي المقابل فقط وهو التصويت له فهذا عمل شبيه بالرشوة وهو محرم قطعا وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات».