[email protected]
تعلمنا في دروس المساجد وأيام المحاضرات التي انقطعت إلى غير رجعة وسنوات الدراسة الأرجوزة!
فهل سمعت عزيزي القارئ عن الأرجوزة؟
الأرجوزة جمعها أراجيز، وكان العرب القدامى ينشدون الأراجيز في حداء الإبل، وإذا قلنا رجزت الريح بينهم: أي دامت!
طبعا الرجز بحر من بحور الشعر العربي ويسمى (حمار الشعر) لسهولة نظمه وبه تنظم (المنظومات التعليمية).
أستاذنا القدير أ.د.يعقوب يوسف الغنيم - أمد الله في عمره بصحة وعافية - استطاع أن يخدم المكتبة العربية والدينية والأجيال في إصدار كتاب جديد أسماه «أرجوزة في العبادات من كتاب دليل الطالب في الفقه للشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي».
يقول أ.د.يعقوب يوسف الغنيم (أبا أوس) في كتابه القيم: اقترح علي صديقي الأخ الأستاذ الدكتور الشيخ وليد عبدالله المنيس أن أقوم بصياغة قسم من كتاب «دليل الطالب» للشيخ مرعي يوسف الحنبلي على هيئة أرجوزة يسهل حفظها وتداولها، وقد استجبت لهذا الاقتراح لأنني كنت - ولا أزال - على صلة بهذا الكتاب منذ بدأت دراستي في معهد الكويت الديني، وقد درسته فيما بعد على يد خالي وشيخي ومعلمي المرحوم بإذن الله محمد سليمان الجراح.
ولا أزال على صلة بهذا الكتاب المهم إلى يومنا هذا، ودليل على ذلك أنني أذكر أن مخاطبة أخي الدكتور وليد المنيس لي بهذا الخصوص قد جاءت ونسخة الكتاب بيدي أقرأ فيها شيئا كنت أريد أن أتأكد منه.
جدير الذكر أن كتاب «دليل الطالب» من أهم كتب المذهب الحنبلي، خاصة للمبتدئين في دراسة هذا المذهب، ولذلك كان مقررا في الأزهر الشريف، ومقررا في معهد الكويت الديني منذ افتتاحه وهو يُدرَّس منذ زمن في حلقات الدرس بالكويت وما جاورها.
ومما يذكر في هذا الصدد أن الكتاب يستمر مع طالب العلم في سنيّ دراسته كلها تقريبا لأنه مشروح شرحا وافيا تحت عنوان «نيل المآرب في شرح كتاب الطالب» وهذا الشرح واسع مطبوع في مجلدين منذ مدة طويلة ينتقل الطالب إلى دراسته بعد أن ينتهي من دراسة الكتاب الأول.
والشيخ مرعي يوسف الحنبلي توفي في سنة 1033هـ التي توافق 1624م واسمه الكامل: مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي المقدسي.
ذكر عنه أنه أديب ومؤرخ إضافة إلى كونه من كبار فقهاء المذهب الحنبلي، وقد ولد في مدينة طولكرم وانتقل إلى القدس الشريف ثم إلى القاهرة وتوفي فيها، وله عدة كتب منها ما هو مطبوع بين أيدي الناس ومنها ما هو مخطوط، ومن مطبوعاته وكتبه هذا الكتاب الذي نتحدث عنه، وله سبعون كتابا كلها مخطوط، ولا ندري إن كانت كلها محفوظة حتى الآن لأنها لم تجد عناية من المحققين الباحثين حتى تُطبع، ومنها ديوان شعر وكتاب «الأساس في أول بيت وضع للناس» و«مسبوك الذهب في فضل العرب»، و«قلائد المرجان في الناسخ والمنسوخ من القرآن».
لقد قام أستاذنا القدير د.يعقوب يوسف الغنيم بخوض تجربة فريدة استعد لها ويقول في هذا الصدد: قمت بالمجازفة من أجل تحقيق رغبة د.الشيخ وليد المنيس الذي اقترح عليه إنجاز هذا العمل.
وبعد تصفحي الكتاب أراه نجح ووفق وأنجز المهمة بنجاح حتى صرت منجذبا للكتاب في كل فجر أقرأ فيه وأراه نافعا لا تقصير فيه، مُرتب في موضوعاته وأقسامه كما سار مؤلف الكتاب، غير أن الاختلاف إنما هو ناتج من أصل الكتاب لا غير، لأن أ.د.يعقوب الغنيم بذل جهده في إنجاز هذا العمل القيم من حيث الصياغة الشعرية، وأعطيكم مثالا على بحر الرجز، وهو أحد بحور الشعر المألوفة، ويأتي على أنواع من الوزن أشهرها:
مستفعلن مستفعلن مستفعلن
مستفعلن مستفعلن مستفعلن
ومثاله قول الشاعر:
ما بال ربع الوصل أضحى دائرا
حتى لقد أذكرتني ما قد دُثر
دار لسلمى إذ سليمى جارةٌ
قفرى ترى آياتها مثل الزُّبر
٭ ومضة: هناك أرجوزة مشهورة في علم التجويد تسمى «الجزرية» كتبها شمس الدين بن محمد الجزري أولها:
يقول راجي عفو رب سامع
محمد بن الجزري الشافعي
الحمد لله وصلى الله
على نبيه ومصطفاه
وعندما يُكمل مقدمته هذه يدخل إلى موضوع التجويد مبتدئا بمخارج الحروف ثم صفاتها إلى أن ينتهي من هذا الموضوع المهم بنهاية أرجوزته، وهذا ما حرص د.يعقوب الغنيم على ذكره في هذا التقديم وفي الكفاية من حيث تعبيره عن منهج علمي في الأرجوزة إضافة إلى إيضاح ما ينبغي إيضاحه عن الأراجيز العلمية بصورة عامة.
٭ آخر الكلام: ما شاء الله عرض رائع لأستاذنا د.يعقوب يوسف الغنيم الذي ينتقل بك من المقدمة إلى كتاب الطهارة والصلاة والجنائز والزكاة والعروض والصيام والمحظورات والفدية وأركان الحج والأضحية.
٭ زبدة الحچي: شكرا كبيرة لأبي أوس على هذا الجهد الحنبلي المميز ومن يستعرض الكتاب وهو من القطع المتوسط في 139 صفحة يجد متعة أرجوزية تسري في شرايينه وعلمه وثقافته، ويبقى:
يا أيها الدارس للأرجوزة
وما بها من نبذ وجيزة
إني وقد بذلت فيها جهدي
مؤملا بها النتاج المجدي
أكرر المزيد من دعائي
لكل من يهدي إليّ أخطائي
وكل قصدي خدمة الشريعة
ولم يكن لمكسب ذريعة
طبعت مؤسسة «لطائف» هذا الكتاب القيم ويباع في مكتبة الإمام الذهبي للنشر والتوزيع في منطقة حولي.
في أمان الله..