بقلم: د.هشام أحمد كلندر
طبيب متخصص في الإدارة الصحية
Email: [email protected]
Twitter: @Dr_hisham81
لا شك أن العالم بعد «كورونا» لن يكون مثل العالم قبل كورونا، فقد انعكست آثار هذه الجائحة على المجتمعات على جميع المستويات، ما أدى الى التغيير في بعض سلوكيات المجتمعات حول العالم.
من هذه السلوكيات مدى التزام الأفراد بالمحاذير الصحية المختلفة في أزمة كورونا، فقد لوحظ التفاوت بين مجتمع وآخر في مدى النجاح بالالتزام بالمحاذير الصحية، وتوقف ذلك على عدة عوامل منها، الثقافة السائدة في المجتمع ومدى قابلية الأفراد في هذه المجتمعات للالتزام بالنظام، ووضع البيئة المؤسسية القائمة للدولة.
فالالتزام بالمحاذير الصحية يعتمد على قدرة الدولة علـى وضع أنظمة فعالة وتطبيق إجراءات صحيحة مع ضمان الديمومة بالتطبيق.
فعلى مستوى الأفراد يتفاوت الالتزام بالاشتراطات الصحية بين الإفراط والتفريط، فالإفراط هو المغالاة في الشيء وأما التفريط فهو اهمال الشيء تماما، ومن ملاحظاتي الشخصية على مستوى الكويت أن التفريط هو الغالب سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات على الرغم من الجهود المبذولة، مع عدم إغفال الكثير من الاجتهادات الجيدة التي تستحق الإشادة.
مما لا شك فيه أن الدول ذات الأنظمة الفعالة والمتقدمة والتي تتميز بسهولة الإجراءات في مؤسساتها المختلفة وسيادة النظام ولغة القانون واحترام العمل المؤسسي قبل أزمة كورونا كانت أقل معاناة لتطبيق المحاذير الصحية من الدول التي كانت تعاني من أنظمة إدارية متأخرة.
فعلى سبيل المثال، لو أخذنا الالتزام بلبس الكمام كإجراء يساهم في الحد من انتشار الوباء، نلاحظ أن الدول المتأخرة إداريا وتنظيميا أو التي من الممكن أن نطلق عليهم مصطلح الدول النامية، اضطرت لعمل حملات توعوية مكثفة ووضع عقوبات وغرامات مالية رادعة وأنشأت فرقا وأجهزة رقابية مختلفة وكل ذلك لضمان الالتزام بلبس الكمام.
على الرغم من هذه الإجراءات، كثير من هذه الدول لم تنجح في فرض لبس الكمام على الأفراد بشكل فعال، وانعكس ذلك على الوضع الوبائي لتلك الدول مع تفاوت نسب النجاح.
في المقابل الدول ذات الأنظمة الفعالة والمتقدمة لم تعان في نشر ثقافة لبس الكمام، طبعا هذا لا يعني أن الدول المتقدمة أنجح من الدول النامية بالتعامل مع أزمة كورونا، حيث العملية معقدة وتتأثر بكثير من المجلات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.
لذلك ممكن أن تكون جائحة كورونا التي أظهرت كثيرا من مواطن القصور والخلل وعرّت مكامن الضعف في كثير من الملفات المهملة، فرصة للدول التي تعاني من أنظمة إدارية متأخرة للبدء بعلاج القصور المؤسسي والتراجع الإداري مع بناء العمل المؤسسي الفعال وإعادة هيبة القانون واحترام النظام العام ونشر ثقافة الالتزام.
أما على مستوى الأفراد فيجب أن يكون الفرد على قدر المسؤولية والوعي الكامل بدوره المهم في المجتمع وأن يكون قدوة لغيره بالالتزام ونموذجا مشرقا يضرب به الأمثال، مستشعرا مسؤوليته الدينية والوطنية، لا ينتظر الرقيب، بل ينمي الرقابة الذاتية، ومخافة الله في جميع أمور دنياه.
خارج النص...
حب الوطن ليس شعارات ولا تسابقا للظهور أمام الكاميرات أو السعي للمديح والحصول على الثناء في المقابلات، حب الوطن هو الإخلاص في العمل طمعا لإرضاء رب السماوات، رب يتقبل من كل مخلص في عمله ويجزيه خير الجزاء، من يعمل بعيدا عن الأضواء، ويقينا شر الأعداء ويحفظ بلادنا من جميع أنواع البلاء.