كنت أبحث بين أغراضي المتناثرة في جميع أرجاء منزلي الصغير، كنت أبحث عن اللاشيء، فقط أعبث وأعيث بين حاجياتي الخراب، أترك بصمة مروري، وأنفض عنها غبار الذكريات والماضي.
خلال ذلك الوقت وقعت عيناي على آلة التصوير، الحب الأول، قضيت معها الكثير من الأوقات الصعبة والجميلة، أداعب إعداداتها وسيرها الأسود المكحل باللون الأحمر الذي طبعت فيه رائحة جسدي وعرقي، دائما ما أحاول إرضاءها لنخرج في آخر اليوم أو الجولة بعمل أو عملين مميزين. صورة تحمل توقيعي واسمي بعد أن أضع عليها بعض الرتوش «makeup».
زاد الحنين إلى التصوير بعد ما رأيت آلتي، لكن هل كان الحنين للتصوير الذي توقفت عن ممارسته عدد من السنين؟ أم الحنين إلى الماضي الذي ارتبط بالآلة السوداء!؟ بكل صراحة لا أعلم، لكنني اشتقت لذلك الإنسان في تلك الفترة، الإنسان الذي كان خلف الكاميرا، كنت شخصا مختلفا، طموحاتي وأحلامي وأفكاري متواضعة وسهلة، حتى قلبي.
كبرت الأحلام، والطموحات والأفكار، أما قلبي فقد أفاق من غيبوبته، من سباته العميق، أو أستطيع أن أفسر ما حصل له بطريقة أخرى، بدأ يقوم بكامل وظائفه في القائمة، مر عليها مهمة بعد أخرى، لم يترك شيئا من تلك الوظائف التي جاءت من الشركة المصنعة لذلك القلب.
بعدما توقفت عن تصوير اللحظات وحبسها في إطارها الفيلمي أو الرقمي، تعلمت كيف أصور الأحداث بدون استخدام الأفلام واستبدلتها بالورق والأقلام، أن أعود كيفما كنت، لا أظن أنني استطيع أن أتنازل عن كل تلك الآمال والأفكار الكبيرة حتى قلبي بعدما آفاق لن يدعني وسيحارب عودتي بكل دقة من دقاته، لذلك سأكتفي بأن أرجع للتصوير ونسياني فكرة عودة ارتدائي لملابسي القديمة وشخصيتي.