في زمن سكان البادية بالجزيرة العربية لحسن الحظ لم يكن لديهم مستشار مستورد والذي لو كان موجودا في تلك الفترة لقاد البدو بالتدريج نحو الانقراض فعندما تكون هناك مشكلة في مجتمع البدو تعرض على جميع أفراد القبيلة، ويطلب شيخ القبيلة الرأي من الجميع لإيجاد حل لهذه المشكلة أو تلك من منطلق «الرأي يا عيال» وقد يكون الحل المناسب في الرأي الذي يقدمه أقل القوم شأنا حتى وإن كان راعي الغنم في القبيلة فيؤخذ به وهو أسلوب ناجح لمعالجة الأزمات.
وفي الحرب العالمية الثانية سخرت بريطانيا كل إمكانياتها المحلية من المستشارين البريطانيين بكافة التخصصات لصد هجوم الغارات الجوية من قبل سلاح الجو الالماني ونجحوا باختراع الرادار، وكان له دور كبير في التصدي لهذه الغارات قبل ان تحدث خسائر على الأراضي البريطانية.
وأما المستشار المستورد في الكويت فهو مختلف تماما، إذ تجده يضيف إلى اسمه العديد من الألقاب مثل خبير القانون الياباني في محكمة التمييز الدستورية العليا في يوكوهاما، والخبير القانوني في قضايا الردع النووي في الحرب الباردة والساخنة في بحر قزوين، والزميل في جامعة السوربون الصومالية، والمهندس طيار ودكتور والمستشار في الدعم اللوجيستي للقوات الجوية الخاصة المتقدمة خلف صفوف العدو... الخ، وكل هذه العظمة لأجل تضليل الجهة المستوردة له عن حقيقته ومع الأيام اتضح أن هذه الألقاب ما هي إلا أوهام زائفة بعالم اليقظة لأن الواقع هو ما نراه اليوم في حياتنا اليومية من حصاد السنين للاستشارات المقدمة من المستشارين المستوردين الذين يسعون لتدمير البلد من اجل مصالحهم الشخصية والمصالح الضيقة للحرامية الشركاء لهم في نهب البلد.
ومثال على ذلك ما نراه من خراب الطرق وتفشي ثقافة الرشوة والواسطة والمحسوبية وهي ثقافة دخيلة على المجتمع الكويتي بسبب الخلل الكبير الذي أصاب التركيبة السكانية وهو الآن ظاهر على السطح وبوضوح ويقال إن معالجته جارية والله أعلم.
وحقيقة إشاعة ان (الكويتي لا يشتغل) هي كلمة باطل أريد بها باطل، وهذا الباطل يعني الاستيلاء على الوظائف الاستشارية في الدولة وسحب البساط من تحت الكفاءات والخبرات الكويتية والنتيجة توكيل الأمر إلى غير أهله، ومن علامات قيام الساعة توكيل الأمر إلى غير أهله كما ورد في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
والحل الحقيقي والمنطقي والعادل والمثمر والسهل وغير المكلف على الدولة والمفيد في دورة الاقتصاد المحلي هو أن يوكل الأمر لأهله من أبناء الوطن فهم خط الدفاع الأول في الحفاظ على خصوصية الكويت والحرص على استقرارها وامنها ومن يخطئ منهم يحاسب.
ومن هنا يجب علينا ألا ننسى الحكماء الكويتيين الكبار في السن والمتقاعدين الشرفاء أصحاب المبادئ والقيم والأخلاق والذين انتهى بهم المطاف إلى إهمالهم ودفنهم من قبل الحكومة، فلجأ الكثير منهم إلى الإقامة الدائمة في المزارع والجواخير والشاليهات بسبب إغراق الوطن بالمستشارين المستوردين، فلم تتم الاستفادة من خبراتهم الطويلة في جميع التخصصات فتحولوا من خلال الوضع الراهن إلى مستشاري ثروة زراعية وحيوانية بالمجان من دون مقابل.
وعليه.. أرجو ممن يملك زمام الأمور بهذا البلد الطيب ان يعتمد على المستشارين المحليين بقدر الإمكان أما المستشارون المستوردون فليس لهم مكان في الكويت بعد ان أثبتوا فشلهم.
وهذا الأمر أصبح مطلبا شعبيا لا يمكننا التنازل عنه لأننا في زمنهم لا طبنا ولا غدا الشر.
مسك الختام: «والله لو عثرت بغلة في العراق لخفت ان يسألني الله عنها، لم لم تصلح لها الطريق يا عمر».
الخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل 1300 سنة.