بما أنني أسير الفراش لظروفي الصحية، فليست لدي متعة سوى التنغيص على ابني الصغير يوسف، والذي كلما شعرت بحالة فراغ أناديه قائلا: «تعال أقول لك قصة»، طبعا ما أن يجلس حتى أقص عليه حكايات من أدب الخيال الواسع، كأن أقول له: «عندما كنت في مثل سنك كنا نربي ديناصورا في حوش منزلنا بالجهراء» وطبعا ما أن يسمعها حتى يصم أذنيه قائلا: «بس ما أبي أسمع قصصك»، إلى درجة أنه توقف عن تصديق أي شيء أقوله حتى لو كنت جادا، ولكن ماذا أفعل فهذا الآدمي الصغير متعتي أن أمارس معه هذا الدور.
***
نحن الشعب نشبه يوسف، ومجلس الأمة بنوابه ومقترحاتهم يشبهون فعلي مع ابني يوسف، فبالأمس خرج نواب بمقترح لإنشاء مدينة طبية هدفها أن تغنينا عن العلاج في الخارج، والمطلوب منا أن نصدق ونسكت أو نصدق ونصفق لهم، ومع احترامي لمقدمي الاقتراح الخيالي غير القابل للتطبيق، فمستشفى الجهراء الجديد افتتح منذ سنوات ولم يتم تشغيله حتى الآن وذلك لعدم وجود كوادر طبية كافية لإدارته والعمل فيه، فجاءت المباني الطبية العملاقة في ظل نقص شديد وطبيعي في الكوادر الطبية لتشغيلها بحاجة إلى وزارة صحة ثانية، والآن النواب يقفزون على هذه الحقيقة ويتجاوزون وقائع ويريدون إنشاء مدينة طبية عملاقة ووزارة الصحة لم تستطع تشغيل مستشفى الجهراء الجديد الملحق أصلاً بالمستشفى القديم!
هذا مقترح خيالي، مثله مثل عشرات غيره من المقترحات التي تقدم بها نواب رغم علمهم يقيناً بأنها غير قابلة للتطبيق.
***
المجلس لم يعقد سوى جلستين بحساب أن جلسة الافتتاح معها منذ شهر، ولم يتم بحث أو إدراج مشروع قانون واحد بل لم يتجاوز المجلس بندا بروتوكوليا هو مناقشة الرسائل الواردة، والنواب يوميا «هاتك يا مقترحات بقوانين»، ومعظمها للاستهلاك الإعلامي، ولو بحثنا فيها أو وراءها لوجدنا أنها إما غير قابلة للتطبيق أو تتعارض مع قوانين قائمة، طبعاً ذلك كله بفضل أسلوب العمل البرلماني الفردي، وهو أسلوب لو استمر فسيتعثر العمل البرلماني كله، فالتقدم بمقترحات، خاصة الشعبية، لا ينجح إلا بتحرك نيابي جماعي، والأفضل أن يأتي التحرك تحت غطاء كتلة برلمانية متحدة ومتوحدة في الأفكار والأولويات وآليات العمل البرلماني، أما كل واحد يقدم مقترحا أو يجمع توقيعا من هنا وهناك ويرمي بمقترحه، فهذا ليس عملا برلمانيا، ولا يمكن أن ينجح العمل البرلماني استنادا إلى العمل الفردي لا يمكن، لا بد من كتلة نيابية متحدة وواضحة ومعلنة.
***
لا بد أن تتشكل كتلة برلمانية تكون أهداف أعضائها متقاربة على الأقل سياسيا، أو كتلتين سياسيتين، أما حكاية وجود أغلبية نيابية لمواجهة الحكومة فهي حكاية خيالية كتلك التي استفز بها ابني يوسف.
***
توضيح الواضح: قبل أيام وبينما أمارس هوايتي في رواية قصة ديناصور الحوش،، استوقفني ابني يوسف على غير العادة ولم يصم أذنيه وسألني: «يبه الديناصور اللي كنتم مربيته في بيتكم قبل شنو نوعه تي ريكس والا ديبلودوكس» ولأن قصتي خيالية لم أعرف الرد، حتى بعدما اكتشفت أن شقيقه الأكبر لقنه أسماء الديناصورات ليحرجني.
***
توضيح الواضح: إذا استقالت الحكومة زين.. وإذا انحل المجلس أحسن.
[email protected]