طوى الأميركيون إلى حين، صفحة محاكمة رئيسهم المنتهية ولايته بعد رفض رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل استدعاء اعضائه المئة للبدء في المحاكمة قبل انتهاء عطلتهم في 19 الجاري، ما يسمح لترامب بالبقاء في منصبه حتى آخر يوم، ويتيح له فرصة الاستعداد للدفاع عن نفسه بعد تصويت مجلس النواب بأغلبية 232 صوتا مقابل 191 لصالح توجيه الاتهام له بـ«التحريض على العنف»، حيث صوت جميع النواب الديموقراطيين و10 نواب جمهوريين لمصلحة قرار «العزل» هذا.
وقبل أقل من اسبوع على مغادرته البيت الأبيض، أصبح ترامب أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يخضع «للمساءلة». وإذا كان الوقت يبدو في صالحه كون مجلس الشيوخ لن ينعقد قبل 19 الشهر الجاري لبدء المحاكمة ما يعني انه سيكون غادر منصبه في اليوم التالي، الا ان ذلك لا يمنع ظهور المزيد من المفاجآت التي لن تروق له.
ففي تحقيق لشبكة «سي ان ان» الأميركية افادت بأن أدلة متزايدة تم الكشف عنها، ومنها الأسلحة والتكتيكات التي استخدمها مقتحمو الكونغرس من انصار ترامب، تشير الى نوع من التخطيط، قاد المحققين الى الاعتقاد ان الهجوم على مبنى «الكابيتول» الأسبوع الماضي لم يكن «مجرد احتجاج خرج عن السيطرة» بحسب مسؤولين امنيين فييدراليين.
ومن الأدلة التي يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي «اف بي اي» بفحصها أن بعضا ممن شاركوا في التجمع الذي دعا اليه ترامب أمام البيت الأبيض، قد غادروا المكان باكرا، وربما للتزود بالأسلحة والمعدات التي استخدموها في الاقتحام.
وذهبت الشبكة الى حد التساؤل عما اذا كان المقتحمون قد تلقوا مساعدة من داخل مينى الكابيتول.
ويركز محققون ومدعون عامون «قيادة الهجوم» ولذلك هم يبحثون في وثائق السفر والاتصالات للتأكد مما اذا كان بإمكانهم بناء قضية حول ذلك، فيما يشبه تحقيقات مكافحة الإرهاب.
وقال مسؤول انهم يحققون في شبهات فساد بين محققين وعناصر الأمن وأضاف «نحن نتتبع الأموال».
بموازاة ذلك، تتجه الانظار الآن إلى يوم تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في 20 يناير الذي دعا بدوره مجلس الشيوخ الى المصادقة على البنود العاجلة على اجندة ادارته لاسيما المتعلقة بمواجهة جائحة «كورونا» والتعيينات الجديدة في المناصب العليا، بالتزامن مع اجراءات عزل سلفه ترامب.
ونبه بايدن في أول تعليق له على القرار الاتهامي الذي أصدره مجلس النواب بحق ترامب لمحاكمته أمام مجلس الشيوخ، الى ان الولايات المتحدة ترزح تحت وطأة جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية الخانقة وتحتاج لأن يقر مجلس الشيوخ سريعا التعيينات حتى تتمكن من التصدي لهذه التحديات.
ولا يمكن لمجلس الشيوخ دستوريا، حال انعقاده كهيئة محكمة، أن يقوم بأي عمل آخر قبل انتهاء هذه المحاكمة.
وكانت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي اعتبرت أن القرار الاتهامي بحق ترامب أثبت أن «ما من أحد فوق القانون». وقالت بعد توقيعها على القرار إن «مجلس النواب أظهر، بمشاركة من الحزبين، أن ما من أحد فوق القانون، ولا حتى رئيس الولايات المتحدة».
من جانبه يعيش ترامب حالة من الغضب ممن حوله وانه «يتمرغ في حالة من رثاء الذات» بحسب شبكة «سي ان ان» الأميركية التي نقلت عن مصادر في البيت الابيض أن معظم المحيطين بترامب يؤكدون أن «تصرفاته هي التي قادت الى هذا الوضع». وان الجميع غاضب من الجميع.
وقد اكتفى ترامب بإلقاء خطاب مصور دعا فيه إلى الوحدة ونبذ العنف، دون التطرق للقرار الاتهامي الصادر بحقه. وقال «أدعو جميع الأميركيين للتغلب على المشاعر الآنية والاتحاد سويا شعبا أميركيا واحدا. دعونا نختار المضي قدما متحدين لما فيه خير عائلاتنا».
ونأى بنفسه مجددا عن أنصاره الذين اقتحموا الكابيتول، وقال انه «ليس هناك أي مبرر للعنف على الإطلاق، أميركا دولة قانون»، مشددا على أن «الذين شاركوا في الهجمات الأسبوع الماضي سيساقون أمام العدالة».
وعقب إقرار اللائحة الاتهامية، أعلن ماكونيل أنه من غير الممكن إجراء محاكمة «عادلة أو جادة» لترامب في غضون الفترة القصيرة المتبقية له في البيت الأبيض. وقال «بالنظر إلى القواعد والإجراءات والسوابق في مجلس الشيوخ والتي ترعى المحاكمات الرامية لعزل الرؤساء، فبكل بساطة ليست هناك أي فرصة لإنجاز محاكمة عادلة أو جادة قبل أن يؤدي الرئيس المنتخب بايدن اليمين الدستورية في الأسبوع المقبل».
وأكد ماكونيل أنه لن يدعو مجلس الشيوخ للالتئام قبل الموعد المقرر لاستئناف جلساته في 19 يناير، مبررا قراره هذا بأنه «حتى لو بدأت إجراءات (المحاكمة) في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع وسارت بسرعة، فلن يتم التوصل إلى حكم نهائي إلا بعد أن يكون الرئيس ترامب قد غادر منصبه».
ميدانيا، تضع قوات الأمن الأميركية، التي أربكها هجوم أنصار ترامب على «الكابيتول» الأسبوع الماضي، عملية أمنية على مستوى البلاد لإحباط أي أعمال عنف قبل تولي الرئيس المنتخب جو بايدن السلطة.
وعززت إدارة بايدن المقبلة إجراءات الأمن حول فريقه قبيل تنصيبه. وحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي «اف بي اي» من احتجاجات مسلحة يجري التخطيط لها في واشنطن وعواصم جميع الولايات الخمسين في مطلع الأسبوع أو بحلول موعد تنصيب بايدن، خصوصا بعدما ظهرت رسائل متعارضة في غرف الدردشة والمنتديات الخاصة باليمين المتطرف حول الاحتجاجات المحتملة في فترة تنصيب بايدن. ودعا موقع (باتريوت أكشن أوف أميركا) أنصاره لتطويق البيت الأبيض والكونغرس والمحكمة العليا قبل أيام من التنصيب «للحيلولة بأي ثمن دون تنصيب جو بايدن أو أي ديمقراطي آخر».
وكشـفـت صـحـيـفـة نيويورك تايمز عن حالة من القلق بين كبار مسؤولي أجهزة الاستخبارات، خلال مكالمة هاتفية جماعية، بشأن هجمات محتملة على مبان حكومية، ومنازل بعض أعضاء الكونغرس والشركات.