- 150 مليون دينار كلفة التأمين الصحي للمتقاعدين الكويتيين «عافية» سنوياً
- «التأمينات» أثبتت كفاءتها من خلال إدارتها لأنشطتها المقررة وفق قانون إنشائها
بقلم: بدر مشاري الحماد نائب رئيس جهاز المراقبين الماليين بالوكالة (سابقا)
baderalhammad.com
تضمنت محاور الأولويات الحكومية في برنامج عمل الحكومة 2021-2024 ما يتعلق بتحقيق الاستدامة المالية العامة، حيث ترى الإدارة المالية العامة أن تحقيق الاستدامة يتمحور في ثلاث ركائز أساسية، وهي:
1 - تطوير الإدارة المالية العامة.
2 - ترشيد الإنفاق الحكومي.
3 - تعظيم إيرادات الدولة.
وفي رأيي أن الإدارة المالية العامة للدولة قادرة على تحقيق نجاحات سريعة وذات أثر ملموس وسريع، إذا ما حددت أولوياتها بشكل جيد ومدروس في تنفيذ برامج الإصلاحات ضمن الركائز التي تم تحديدها، خاصة في المسائل التي يتفق فيها مجلس الأمة بسلطتيه التنفيذية والتشريعية.
وحتى نوضح هذا الرأي، سأتناول مسألة يمكن من خلالها أن نبين كيف يمكن تحقيق مثل تلك النجاحات السريعة لتنفيذ برامج إصلاحات مالية قادرة على تمكين الإدارة المالية العامة من تحقيق الاستدامة المالية.
لقد ورد ضمن محور ترشيد الإنفاق في برنامج عمل الحكومة ما يتعلق باستهداف خفض البنود المالية ضمن الميزانية العامة، والتي لا تؤثر على كفاءة أعمال الجهات الحكومية، وذلك بوضع سقف للموازنة العامة لا يتجاوز 19 مليار دينار، بالإضافة الى وضع حد أدنى لبند تكلفة العلاج بالخارج واقتصارها على الحالات الطارئة والتي تقررها الجهات المختصة.
من جانب آخر، إذا ما رأينا كلفة التأمين الصحي للمتقاعدين الكويتيين (عافية) فإنها تقدر بمبلغ 150 مليون دينار سنويا، وتتحملها الخزانة العامة للدولة من خلال ميزانية وزارة الصحة السنوية، وتلك التكلفة في زيادة مطردة، نظرا للزيادة في أعداد المتقاعدين السنوية، هذا بخلاف كلفة علاج المواطنين بالخارج ممن هم من شريحة المتقاعدين.
وبالاطلاع على التشريعات المنظمة للتقاعد والتي بدأت الكويت بالعمل بها منذ منتصف القرن الماضي، والتي تشمل المدنيين والعسكريين وبموجبها تم إنشاء مؤسسة التأمينات الاجتماعية، فإن تلك التشريعات تنظم شؤون المتقاعدين بمفهومها الواسع، والذي يشمل تأمين الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة للعاملين المدنيين في القطاع الحكومي وفي القطاعين الأهلي والنفطي، وكذلك العاملين لحسابهم الخاص ومن في حكمهم وتأمين إصابات العمل، هذا وإن تم تأجيل العمل ببعض الخدمات التأمينية بموجب تشريعات خاصة.
وبالتالي، فإن المؤسسة تختص بإدارة وتنظيم كل ما يتعلق بالمواطنين الكويتيين المسجلين لديها من خلال الصناديق التي تم إنشاؤها لهذا الغرض.
لذلك نرى أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية سواء من خلال التشريعات القائمة أو من خلال تعديل بعضها هي الأقدر والأجدر تشريعيا وفنيا بأن تتولى إدارة وتنظيم التأمين الصحي للمواطنين المتقاعدين المسجلين بالتأمينات الاجتماعية، الأمر الذي يخفف عن كاهل الميزانية العامة للدولة تكلفة التأمين الصحي لهم سواء أكان هذا يتعلق بالعلاج محليا أو خارجيا.
من جانب آخر، إن إدارة المؤسسة لملف التأمين الصحي للمتقاعدين يتحقق معها جانب الحوكمة في إدارة هذا الملف، حيث تتمتع المؤسسة بالإمكانات الفنية والكوادر البشرية المطلوبة التي تمكنها من التعامل مع هذا الملف على قدر عال من الكفاءة وحسن الأداء، ويكاد يكون نموذج العمل الذي تطبقه المؤسسة أقرب الى أسلوب القطاع الخاص منه الى القطاع العام.
وقد أثبتت مؤسسة التأمينات الاجتماعية كفاءتها من خلال إدارتها لأنشطتها المقررة وفق قانون إنشائها على النحو المطلوب، وما يدلل على ذلك إعلانها مؤخرا عن أدائها الاستثماري للربع الثاني من السنة المالية 2021/2020، محققة بذلك أرباحا بلغت 4.7 مليارات دولار وبنمو 611% عن نفس الفترة من العام الماضي، ليبلغ إجمالي الأرباح المحققة في النصف الأول من هذا العام 12.1 مليار دولار وبنمو يبلغ 362% عن نفس الفترة من العام الماضي، وهو أفضل أداء استثماري في تاريخ المؤسسة وفقا لما أعلنته.
لذا، على الإدارة المالية العامة في سبيل تحقيق ركائزها المتعلقة بترشيد الإنفاق الحكومي وتطوير الإدارة المالية أن تعيد النظر في بعض سياساتها المالية، ومنها ما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية، وذلك بإعادة النظر في إدارة بعض الأنشطة على نحو الذي يحقق أعلى أداء وكفاءة، كنقل إدارة وتنظيم التأمين الصحي للمتقاعدين من وزارة الصحة الى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، والذي سيحقق في رأينا تخفيضا سنويا في الميزانية العامة للدولة ما بين 150 و200 مليون دينار سنويا على المدى المتوسط، في ظل تسجيل عجز في تنفيذ الموازنة الجارية وفق آخر تقرير صادر من وزارة المالية والذي يشير الى وجود عجز يبلغ 4.7 مليارات دينار حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي، كما يشير أحد التقارير المنشورة إلى أن العجز المقدر والذي سيسجل في نهاية السنة المالية الجارية يبلغ نحو 11 مليار دينار ويشكل 27% من حجم الناتج المحلي الإجمالي عن عام 2019.