يحبس العالم أنفاسه ترقبا لليوم الكبير غدا، يوم تسلم الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن منصبه، ويليه بعد ساعات انطلاق محاكمة سلفه دونالد ترامب.
وتظهر التقارير عن تهديدات أمنية، والتحقيقات حتى مع سلطات إنفاذ القانون، حدة التوتر والاستنفار اضافة الى الانقسام الكبير الذي تعيشه أكبر ديموقراطية في العالم، فيما لاتزال مشاهد اقتحام الكونغرس عالقة في الأذهان.
ولا أدل على الهواجس الأمنية أكثر من إغلاق مبنى الكونغرس ومنع الدخول إليه أو الخروج منه بسبب «تهديد أمني خارجي» امس، وإخلاء الجهة الغربية بمبنى الكونغرس، حيث تجري استعدادات مراسم تنصيب بايدن، ليتبين أنه حادث عرضي ناجم عن احتراق خيمة لمشردين خارج المبنى.
وكانت وكالة «أسوشيتد برس» ذكرت أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) سيقوم بفحص قوات الحرس الوطني في العاصمة واشنطن.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين في وزارة الدفاع أن «الپنتاغون» قلق من هجوم داخلي يوم التنصيب، أو تهديد من طرف أفراد على صلة بتأمين مراسم التنصيب، بعدما تبين عقب هجوم أنصار ترامب على «الكابيتول» في 6 الجاري تورط عدد ممن هم على علاقة حالية أو سابقة بالجيش.
وأعرب رون كلين، كبير موظفي البيت الأبيض في إدارة بايدن، عن قلقه من التهديدات الأمنية التي قد تصاحب حفل التنصيب، إلا أنه أبدى ثقته بقدرة الأجهزة الأمنية على تأمين الحفل.
وقال كلين، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، «أظهرت الأسابيع الأخيرة مدى الأضرار اللاحقة بروح الولايات المتحدة وأهمية إصلاحها وسيبدأ هذا العمل الأربعاء غدا»، وقال «إننا نرث فوضى كبيرة لكن لدينا خطة لإصلاح الوضع».
ومما يزيد القلق، بحسبما أفادت وسائل إعلام أميركية بأن «إف بي آي» اعتقل مسؤولا بولاية نيو مكسيكو قرب مبنى الكونغرس في العاصمة واشنطن على صلة باقتحام الكونغرس.
وأوضحت وسائل الإعلام أن المسؤول يدعى كوي غريفين وهو مفوض بالولاية، وقد تعهد بالعودة إلى واشنطن مدججا بالسلاح للاحتجاج على تنصيب الرئيس المنتخب غدا، وهو يترأس مجموعة تسمى «الكاوبويز من أجل ترامب»، وشوهد في أحد مقاطع الفيديو يتحدث صراحة عن دوره في تلك الأحداث، ويهدد بتسيير مظاهرة مسلحة مؤيدة لمبدأ حمل السلاح، وبإراقة الدماء في يوم تنصيب بايدن.
في الاثناء، قالت وسائل اعلام اميركية ان مكتب التحقيقات الفيدرالي يحقق في أدلة لديه حول امرأة شاركت في الاقتحام وسرقت حاسوبا محمولا من مكتب رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وتعتزم بيعه للروس.
وبحـــسب صحيـــــفة «بوليتيكو»، فإن هذه القضية الجنائية مرفوعة ضد امرأة تدعى رايلي وليامز، شوهدت في عدة لقطات أمام مكتب بيلوسي، بناء على معلومات تقول ان وليامز كانت تعتزم إرسال جهاز الحاسوب إلى صديق لها في روسيا بقصد بيعه إلى وكالة المخابرات الروسية الخارجية (إس في آر).
وفي عاصمة أصبحت مقفرة ينتشر فيها الجيش وقوات الامن أكثر من المواطنين، تحول يوم غد الأربعاء الى مناسبة لا سابق لها في التاريخ الأميركي لعدة أسباب.
فقد دعي سكان واشنطن للبقاء في منازلهم لمتابعة مراسم تنصيب الرئيس 46 حفظا للأمن وتجنبا لخطر العدوى بوباء «كوفيد ـ 19».
وسيــكون المليـــارديـــر الجمهوري موجودا حتما في نادي مارالاغو الذي يملكه في فلوريدا عندما يدخل جو بايدن المدرج المؤقت الذي يشيد كل أربع سنوات على درجات الكابيتول غدا.
ويقوم أكثر من 20 ألف عنصر من الحرس الوطني والجنود الاحتياط بدوريات مسلحة، فيما وضعت حواجز وكتل إسمنتية لحماية مبان مثل البيت الأبيض ومبنى الكابيتول أو لإغلاق طرق بشكل كامل.
وبالنسبة إلى قدامى المحاربين في العراق، يبدو وسط المدينة مثل المنطقة الخضراء في بغداد.
وعوضا عن مئات الآلاف الذين يملأون عادة باحة «ناشونال مول» الممتدة من نصب لنكولن إلى مبنى الكابيتول، سترفع رايات ولافتات يقارب عددها 200 ألف تمثل المواطنين الذين لن يتمكنوا من الحضور.
وبعد أداء اليمين، سيلقي بايدن خطاب التنصيب التقليدي الذي سيؤكد فيه الحاجة إلى المصالحة بين الأميركيين.
وعلى غرار العاصمة واشنطن، تطبق عواصم الولايات اجراءات غير مسبوقة، حيث تجاوز عدد مسؤولي إنفاذ القانون عدد المحتجين بفارق كبير في محيط مباني الكونغرس المحلية بأنحاء البلاد مع تجمع عدد محدود من مؤيدي الرئيس المغادر، للمشاركة في مظاهرات حذرت السلطات من أنها قد تشهد أعمال عنف.
وعبأت أكثر من 12 ولاية حرسها الوطني للمساعدة في تأمين أبنية الكونغرس بكل ولاية في أعقاب تحذير مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) من احتجاجات مسلحة لمتطرفين يمينيين ممن شجعهم الهجوم الدامي على مبنى «الكابيتول» في واشنطن.
واعتبر مسؤولو الأمن أن هذا أول حدث رئيسي في الاحتجاجات، خاصة أنه الموعد الذي حددته حركة بوغالو المناهضة للحكومة منذ أسابيع لحشد تجمعات في جميع الولايات الخمسين، لكن لم تخرج سوى مجموعات صغيرة من المتظاهرين أمام حشود كبيرة من قوات الأمن وأطقم وسائل الإعلام.