- النشمي: عبث وتلاعب في عقد الزواج
- المذكور: لا يجوز لأنه محدد بمدة
- الملا: هدم لعقد وميثاق الزواج
- العصيمي: أشبه ما يكون بالزنا
- العنزي: مخالفة شروط وأركان الزواج تُبطله
- الشطي: الأصل في الزواج الديمومة
- الشمري: المرأة ليست سلعة للمتاجرة
- المرداس: منكر لتهوين الحرام بين الجنسين
تحقيق: ليلى الشافعي
جدل كبير أثارته مبادرة أطلقها محام مؤخرا في مصر تسمى «زواج التجربة» وتعتمد فكرتها على عقد مدني عوضا عن وثيقة الزواج ينص على تحديد فترة معينة للزواج وفق شروط يضعها الزوجان في العقد، وهذا ما أثار الجدل ودعا مركز الأزهر العالمي للفتوى أن يعلن أن زواج التجربة «فاسد وامتهان للمرأة» وعند اشتراط انتهاء عقد الزواج بانتهاء مدة معينة يجعل العقد باطلا ومحرما، في حين أعلنت دار الإفتاء تشكيل لجان لدراسة الحكم الشرعي لزواج التجربة للوقوف على الرأي الصحيح. سألنا علماء الشرع بالكويت الذين نددوا بهذا الزواج واعتبروه زنا واضحا، لنتعرف على آرائهم.
في البداية يؤكد د.عجيل النشمي أنه لا يوجد في الشرع الإسلامي «زواج تجربة»، فهو عبث وتلاعب بعقد الزواج الذي جعله الله «ميثاقا غليظا» وهذا مثل أو أسوأ من الزواج المؤقت، وهو باطل في المذاهب الأربعة، وقد سئل الإمام مالك: أرأيت إن قال: أتزوجك شهرا أيبطل النكاح أم يجعل النكاح صحيحا ويبطل الشرط؟ قال مالك: النكاح باطل ويفسخ، وقال الشافعية: لا يجوز هذا النكاح وهو أن يقول: زوجتك ابنتي يوما أو شهرا، وكذلك الحكم عند الحنفية والحنابلة يحرم بالاتفاق ان حدد مدة طالت أو قصرت.
وزاد: وأعتقد أن إثارة مثل هذه الأقوال الشاذة هي لإشغال الناس وتهوين الحرام بمسميات لا يقرها الشرع، وواجب على الجهات الشرعية المعنية تبصير الناس بالحلال والحرام، خاصة في عقد الزواج الذي حاطه الإسلام بسياج قوي بالآيات والأحاديث التي اتفق عليها فقهاء المسلمين.
يُبطل عقد الزواج
يؤكد د.خالد المذكور أن عقد الزواج في الشريعة الإسلامية ينتهي بأقرب الأجلين بوفاة أحد الزوجين أو بالفراق بين الزوجين بالطلاق من الزوج أو بالخلع من الزوجة بواسطة حكم القاضي أو بالتطليق بحكم القاضي، وكل ذلك إذا قامت أسباب الطلاق أو الخلع أو التطليق، مؤكدا أنه لا يجوز شرعا انعقاد الزواج إذا كان محددا بمدة أو بشرط مخالف لمقتضى العقد، وبناء على ما سبق فإن ما يسمى بزواج التجربة يُبطل عقد الزواج شرعا.
عقد دائم
وقال د.سعد العنزي: الزواج إذا توافرت أركانه وشروطه فهو زواج صحيح وأهمها الولي عند الجمهور خلافا لأبي حنيفة، والمهر والشهود والإيجاب والقبول من طرفي العقد، ويشترط في العقد صفة أن يكون دائما وليس مؤقتا، فإذا توافرت هذه الشروط في أي عقد مهما اختلف من مسماه، فهو زواج صحيح، والزواج في الشرع ليس فيه تجربة وإنما هو عقد دائم وجاد تترتب عليه آثاره الشرعية من حقوق وواجبات لكلا الطرفين. وأضاف العنزي: أعتقد أن مسمى زواج التجربة مسمى باطل من أصله، حيث تترتب عليه مفاسد عظيمة للأسر ويخالف القواعد الشرعية والقانونية لأصل الزواج.
من خطوات الشيطان
ويضيف د.بسام الشطي: الزواج ميثاق غليظ ومبني على أركان الإيجاب والقبول ومهر المثل وشاهدي العدل، والأصل في الزواج الديمومة ويحرم إذا وقِّت بزمن أو مكان، والإسلام جاء لحماية الضرورات الخمس منها حماية العرض، مؤكدا أن زواج التجربة إخلال واضح بالأركان وقواعد الزواج الشرعي المعتبر، لأن الأصل ان الزوج يختار زوجة دائمة وليست مؤقتة، فهي ليست سلعة حتى تكون مجال اختبار، فممكن للرجل أن يسأل عن المرأة ويرى ما يشجعه على الزواج وليس اللعب بأعراض الناس. ولفت د.الشطي الى أن هناك صورا ظهرت في الآونة الأخيرة وهي محل شبهات «زواج فريند» وزواج الجامعة والزواج العرفي وغيرها، وهذه خطوات الشيطان لإسقاط هيبة الزواج وكسر حدوده، فيجب التصدي لمثل هذه الأطروحات التي تحل الحرام تحت مسميات زينها الشيطان.
هدم لعقد الزواج
من جهته، قال د.أحمد الملا: برأيي باختصار ان زواج التجربة عبث بالأعراض وهدم لعقد الزواج الذي سماه الله الميثاق وتلاعب بالأحكام الشرعية الثابتة.
لا يجوز شرعاً
ويضيف د.محمد ضاوي العصيمي مؤكدا أن هذا نوع من الزواجات مُحرم، ولا يمكن أصلا تسميته زواجا لعدة أمور، أولها أن الأصل في الزواج الديمومة والاستمرار والبقاء وليس التوقيت وجعل المدد، فهذا أشبه ما يكون بالزنا الذي حرّمه الله عز وجل على اختلاف التوقيت بين ساعة وساعتين وشهر وشهرين وسنة وسنتين. ثانيا: إن الزعم بأن هذا يعتبر حلا لمشكلات ازدياد حالات الطلاق، فهذا رأي لا يبرر شرعا، فالله لم يجعل شفاء الأمة على ما حرم عليها، ثالثا: إن الفتاوى الغريبة التي يثيرها أصحابها حتى يشار إليهم بالبنان ويلتفت الناس إليهم ولم يعلموا أنهم بهذه الطريقة قد جعلوا الأحكام الشرعية عرضة للتندر والسخرية والاستهزاء. وهذا الزواج لا يجوز شرعا لهذه الأسباب.
المرأة ليست سلعة
وقال الشيخ سعد الشمري: إن الله سبحانه وتعالى شرع الزواج لمقاصد عظيمة نبيلة تقوم على السكن والرحمة والمودة ولما يترتب عليه من مصالح عظيمة من العفة والنزاهة وإنشاء أسرة مسلمة صالحة وتنتفي به كل مضار الطريق الحرام وآثاره السيئة، وهذه المصالح تدل على سمو الإسلام وسماحته، ولكن بعض من جهل مقاصد الشريعة وتغاضى عنها أراد بفعله أن يفرغ الزواج من صورته الجميلة ومن مقاصده العظيمة وثمراته الطيبة، وأراد منه مقصدا واحدا وهو قضاء الوطر الذي به لا يختلف عن غيره، فما يسمى بزواج التجربة ويظهر لي أن معناه أن يتزوج زواجا من امرأة وفي نيته اذا استقامت له أو صلحت أدام الزواج وإلا طلقها، وبهذه النية السيئة هناك تلاعب وغش للمرأة ولأهلها، ولا أظن أن يرضى ذلك لموليته أبدا.
وحذر الشيخ الشمري من هذا الأمر وقال: فليتق المرء ربه وليأت الأمر على وجهه وعلى وضوح وبينة وبلا نيات سيئة ولا غش ولا خداع، فالمرأة ليست سلعة للمتاجرة بها، بل هي الحرمة التي أكرمها الإسلام وجعل لها كيانا وأحكاما تليق بها أما وأختا وبنتا وجدة وعمة وخالة وزوجة، ولكن الذين يتبعون الشهوات يريدون أن تميلوا ميلا عظيما والله المستعان.
عين العبث
ويرى د.خالد المرداس أن ما يثار أو ما يسمى بزواج التجربة لا يختلف على بطلانه أحد، انه جانب الصواب وتلبس بمنكر القول لأن الأصل في الزواج الدوام والاستمرار وله من الواجبات وعليه من الحقوق، أما التحديد بمدة معينة فلن يكون بينهم ود ولا رحمة وطهر ولا احترام للإنسانية فكيف تقبل أو يقبل كلاهما بأن يكونا مجردة تجربة، هذا ـ والله ـ عين العبث واللعب والاستخفاف بشرف الإنسانية وكرامتها، قال الله تعالى: (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولوا إلا كذبا) فهذا من اتباع الهوى والنزوات والشهوات ومرض القلوب التي أصابت من يقول بها لنفس مريضة وهو إشاعة للمنكر بين الناس وتهوين الحرام بين الجنسين عياذا بالله من الشيطان وخطواته، قال الله تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) فالحق ما أحقه الله في كتابه، والحق ما أحقه النبي صلى الله عليه وسلم في سُنته.