هل الخوف من الشيخوخة وقف على الشيوخ؟
٭ يقول علماء النفس، إن الخوف من الشيخوخة ليس وقفا على بعض الرجال المتقدمين في السن، بل هو يمتد أيضا الى نفوس بعض الشباب، وربما كان منشأ هذا الخوف اعتقاد هؤلاء الشباب بأن وهن القوى الجسمية مرتبط بضعف عام في الشخصية وانحلال تام للقوى الانفعالية والذهنية.
رجال يبدعون في الثمانين
يقول بعض علماء النفس ان باستطاعتنا طرد هذه الاسطورة المشوهة للشيخوخة من أذهان الناس لو أننا بينا لهم أن الرجال الذين يهرمون بسرعة إنما هم أولئك الذين فقدوا مبررات وجودهم، وأن ما يتعب المخلوق البشري ويضنيه إنما هو التكاسل والتقاعد والجمود والركود، لا الحياة المليئة المضطربة والانفعالات العنيفة الصاخبة، والجهود الشاقة المتواصلة، والدراسات الطويلة المستمرة والأعمال المنتجة المثمرة.. ولقد كان «كليمنصو وجلادستون» وغيرهما، رجالات سياسة ممتازين في سن الثمانين أو أكثر، فكانوا مثارا لإعجاب الناس بذكائهم ومقدرتهم ونشاطهم. وقد أثبت لنا هؤلاء ان الشيخوخة كما يظنها البعض عادة سيئة، وان الرجل المنهمك في عمله لا يكتشف مثل هذه العادة لأنه لا يملك متسعا من الوقت لامتلاكها.
هذا، والحائز جائزة نوبل في الكيمياء (2007) ـ كان يبلغ من العمر 71 عاما، وهو في معايير الناس قد جاوز سن التقاعد بست سنوات.
إنتاج الشيخوخة حصاد وفير
وحسبنا أن نرجع إلى تاريخ البشرية لكي نتحقق من صدق ما قاله «شيشرون» قديما: من أن جلائل الأعمال لم تكن في يوم من الايام وليدة القوة الجسمية او الرشاقة البدينة، بل هي قد كانت وليدة المشورة والسلطة والخبرة الطويلة والحكمة الرزينة، وكل هذه مزايا لا تجيء إلا مع الشيخوخة.
في مجال الفن
إننا نعلم ان «فاجنر» الموسيقار الالماني الشهير قد فرغ من «بارسيغال» في التاسعة والستين من عمره، وأن مصورين كثيرين أمثال «سيزان» و«رنوار» و«براك» و«بيكاسو» و«ماتيس» وغيرهم قد قدموا للبشرية أعمالا فنية رائعة في مرحلة متأخرة من مراحل حياتهم.
من كتاب: شباب دائم ـ د.دلاور محمد صابر