قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن الاقتصاد الكويتي أنهى 2020 الذي كان عاما شاقا للغاية بتحسن ملحوظ، حيث واصل الإنفاق الاستهلاكي انتعاشه بدعم من زيادة الإنفاق عبر الإنترنت وتراجع معدلات السفر إلى الخارج والتفاؤل بأن أسوأ فترات الجائحة قد انتهت بالفعل.
وزادت أنشطة الأعمال في ظل تخفيف التدابير الاحترازية التي جاءت مع تراجع أعداد حالات الإصابة بفيروس كورونا (رغم ارتفاعها مؤخرا إلى حد ما) واتخذ نمو الائتمان الشخصي اتجاها صعوديا، إلا أن وتيرة إسناد المشاريع التنموية شهدت بعض التباطؤ وإن كان من المتوقع أن تتسارع في عام 2021. كما وصل معدل التضخم إلى أعلى مستوياته المسجلة في 4 سنوات عند مستوى 2.8% في ديسمبر، وذلك على خلفية وجود طلب مكبوت وقيود يتعرض لها العرض.
وفيما يخص سوق العمل، فقد انخفضت معدلات التوظيف بنسبة 4% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2020 وفقا لبيانات نظم معلومات سوق العمل، بعد انخفاضها بنسبة 1% في الربع الثاني من عام 2020، ويعكس هذا التراجع تسارع وتيرة توظيف الكوادر الوطنية (2.8% مقابل 2% في الربع الثاني) وتراجع توظيف غير الكويتيين (-5.5% مقابل -1.7% في الربع الثاني).
وأدى الضعف المستمر في سوق العمل إلى خروج أكثر من 114 ألف وافد (27 ألف في الربع الثاني و87 ألف في الربع الثالث) من القوى العاملة بين أبريل وسبتمبر في ظل التداعيات التي فرضتها الجائحة. وعلى صعيد آخر، زاد نمو الأجور من 2.7% على أساس سنوي في الربع الثاني من 2020 إلى 3.6% في الربع الثالث، لكل من الكويتيين والوافدين (2.2% و4% على التوالي).
أسعار النفط
من جهة أخرى، ارتفعت أسعار النفط خلال شهري نوفمبر وديسمبر مدفوعة بواردات النفط الصينية وزيادة النمو الاقتصادي مع تزايد تفاؤل الأسواق بأن الجائحة سيتم احتواؤها أخيرا بعد حصول اللقاحات على الموافقات اللازمة وطرحها في الأسواق اعتبارا من شهر ديسمبر الماضي. وأنهت أسعار النفط الربع الأخير من 2020 على وتيرة أكثر تفاؤلا مع بدء طرح اللقاحات المضادة لفيروس كورونا وبعد أن اتجهت أوپيك وحلفاؤها نحو تقييد زيادة إنتاجها في يناير إلى 500 ألف برميل يوميا (بدلا من 1.9 مليون برميل يوميا المعلنة سابقا).
وارتفع سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 23% على أساس ربع سنوي منهيا تداولات العام عند أعلى مستوياته المسجلة في 10 أشهر تقريبا عند مستوى 50.6 دولارا للبرميل (بلغ في المتوسط 41.1 دولارا للبرميل في عام 2020)، وذلك حتى في ظل مواجهة اقتصادات نصف الكرة الشمالي فرض قيودا جديدة على التنقل نتيجة لإعادة تطبيق تدابير الإغلاق مرة أخرى.
واستقرت معدلات إنتاج الخام الكويتي في ديسمبر عند مستوى 2.295 مليون برميل يوميا ما أدى إلى زيادة متوسط الإنتاج في 2020 إلى 2.4 مليون برميل يوميا، أي بتراجع بلغت نسبته 8.9% عن مستويات عام 2019، ووفق البيان الصادر عن أوپيك وحلفائها عن شهر ديسمبر، تم السماح للكويت بزيادة إنتاجها بمقدار 32 ألف برميل يوميا (+ 1.4%) في يناير 2021 مقارنة بمستويات شهر ديسمبر، وهو المستوى الذي ستحافظ عليه في فبراير ومارس، وبعد ذلك ستقرر أوپيك وحلفاؤها ما إذا كانت ستعود إلى جدول الإنتاج الأصلي (2.424 مليون برميل يوميا).
العجز يضغط على السيولة
سجلت الحكومة عجزا ماليا قدره 5.4 مليارات دينار (حوالي 22% من الناتج المحلي الإجمالي المحدد تناسبيا) خلال الأشهر الـ 9 الأولى من السنة المالية 2020/2021 (أبريل إلى ديسمبر). ويعزى العجز إلى انخفاض العائدات النفطية بنسبة 49% على أساس سنوي، إذ انخفض سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 42% إلى 37.8 دولارا للبرميل في المتوسط، وانخفض إنتاج النفط بنسبة 13.3% إلى 2.34 مليون برميل يوميا على خلفية اتفاقية أوپيك وحلفائها.
من جهة أخرى، انخفضت الإيرادات غير النفطية بمعدل أقل بلغت نسبته 4.2%، وإن كانت لا تمثل سوى 15% من إجمالي الإيرادات.
وفي المقابل، انخفض الإنفاق بنسبة 10.1% على أساس سنوي في ظل انخفاض النفقات الجارية بنسبة 8.5% وانخفاض النفقات الرأسمالية بنسبة 27% - ويعزى انخفاض البند الأخير إلى تأخير تنفيذ المشاريع التنموية نتيجة لتفشي الجائحة وأيضا بسبب خفض الميزانية على نحو كبير هذا العام وذلك في إطار مساعي الحكومة لتقليص نفقاتها. وسيرتفع العجز خلال الأشهر المقبلة، وقد يقفز معدل الإنفاق المعلن عنه بشكل حاد كالعادة بنهاية العام، إلا أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط وتأثيره المحتمل على الإيرادات الحكومية سوف يؤدي إلى تقليص توقعاتنا لعجز العام بأكمله إلى 9.8 مليارات دينار (30% من الناتج المحلي الإجمالي) مقابل توقعاتنا السابقة بقيمة 10.5 مليارات دينار (33% من الناتج المحلي الإجمالي).