لم تعد الأمور، كل الأمور، خافية في الكويت، حتى في أدق تفاصيلها بحلوها ومرها، وأصبح الصغير يتحدث قبل الكبير عما آلت إليه تلك الأمور في البلاد من وضع لا نحسد عليه.. بينما هناك من تجاوز كل المحن والعقبات وتخطى كل المراحل وقفز في بلاده نحو خطوات التميز والريادة والرقي، بينما نحن ما زلنا نعيش واقعنا المر مع الأحداث بذات الوتيرة ونتعايش مع الأزمات بنفس الأسلوب، ونتعاطى علم الفلسفة التشاؤمية من كثرة التركيز على سلبيات مناحي الحياة، حتى بتنا نخشى ظلام المستقبل الذي يخيّم على رؤية «كويت جديدة» والتي لم نشاهدها حتى الآن إلا على الورق، رغم أننا ننعم بعالم الديموقراطية منذ عدة قرون، إلا أن خارطة الطريق لا تزال مشفرة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حتى الوصول إلى فك رموز الشفرة السرية!
عندما تهتز أي منظومة بكل تأكيد ستنعدم الثقة، وعندها لن تستطيع مواجهة القادم من الأيام في ظل ازدياد ثقافة التشكيك، وبروز ثقافة الاصطفاف التي ستدمر المجتمع وتجرف مـــكوناته في نهاية المطاف نحو النفق المظلم!
ففي السنوات الأخيرة طغت ثقافة الاصطفاف مع أو ضد، وأصبحت هي الثقافة السائدة للأسف في البلاد، حتى وإن كان رأيك متطابقا مع قناعتك وقد يكون متوافقا مرة هنا وأخرى هناك، عندها ستكون أنت الضحية لوقوفك مع الحياد، والتزامك بمبادئك، قس على ذلك بعض العقول الفارغة التي تتعاطى مع وجهة نظرك حسب الميول الشخصية وحسب فهمه البسيط لعالم الديموقراطية!
الكثير منا سيقول بلا أدنى شك هذه الديموقراطية؟!
وهنا يحق أن نتساءل: عن أي ديموقراطية تتحدثون وهناك من لا يحترم الرأي والرأي الآخر ولا يعترف بوجوده، بل يكرس مبدأ الإقصاء، وهناك من يمارس هواية المناوشات لعدم الثقة، وفرد العضلات لنقص الخبرة، بعيدا عن مبدأ الحوارات والجلوس على طاولة المفاوضات من أجل عين البلاد ومن باب تكريم العباد!
٭ مختصر مفيد: الاصطفافات من جهة و«الهاشتاقات» من جهة أخرى لن تصنع وطنا يا سادة، طالما لم يشعر به أبناؤه.
فعندما تمضي السنين وتنقضي الأيام وقد تطير معها جل الأحلام وعلى دنيا الأجيال القادمة السلام!
عندها سنقول لك الله يا وطن إلى أن يستيقظ الضمير الوطني الحي، ربما يحرك ساكنا قبل فوات الأوان.
رغم أننا نطبق الديموقراطية التي تملك الكثير من الحلول، لكن يبدو أن هناك من لا يؤمن بها إلا حسب المزاج والأهواء الشخصية!
أخيرا وليس آخرا: قال تعالى: (وقفوهم إنهم مسؤولون).
[email protected]
M_TH_ALOTAIBI@