في شهر فبراير من عام 1965 كانت برودة الشتاء القارس لاتزال طاغية على عاصمة الصين بكين، رغم ظهور بوادر الربيع المبكرة فيها، لكنها لم تكن قادرة على اعتراض خطوات ضيف قطع مسافة بعيدة لزيارة الصين - الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، الذي كان وزيرا للمالية والصناعة والتجارة للكويت آنذاك.
تلقى الشيخ جابر، رحمه الله، استقبال القادة الصينيين بمعايير عالية الدرجة وترحيب حار في قاعتهم لاستقبال الضيوف، ففي الصورة الأولى، كان رئيس الصين ليو شاو تشي يلتقي به بودّ.
وفي الصورة الثانية، كان رئيس مجلس الدولة للصين (بمنزلة مجلس الوزراء) تشو إن لأي ونائبه تشن يي يستقبلانه معا.
هذا المشهد قد يجعل الناس يظنون أن القادة الصينيين كانوا يستقبلون رئيس دولة لها علاقات طويلة المدى مع الصين، غير أن الحقيقة هي أن الصين والكويت لم تقيما العلاقات الديبلوماسية بينهما حينذاك.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، اجتاحت حركات التحرر الوطني بكل قوتها أراضي قارات آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.
وبالرغم من البعد الذي يفصل بين الصين والكويت، فالهدف المشترك والرؤية المتشابهة جعلتا قلبيهما مترابطين بشكل وثيق.
وفي هذه الظروف، كانت زيارة الشيخ جابر الصباح إلى الصين للتواصل الودي مع الأصدقاء الصينيين تبدو أكثر بروزا بالمعاني العميقة التي تحملها - إنها ليست أول زيارة يقوم بها مسؤول كويتي عالي المستوى للصين فحسب، بل أول زيارة يقوم بها مسؤول خليجي عالي المستوى للصين الجديدة، الأمر الذي يجسد جليا التطلع بحماس من قبل الصين والكويت لتطوير العلاقات الثنائية.
وخلال الزيارة، جمعت هويتهم المشتركة كقادة الدول النامية في قارات آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، الشيخ جابر الأحمد الصباح والقادة الصينيين في جو يسوده الصداقة والأخوة والود، وكالأصدقاء القدماء.
وأثناء اللقاءات بينهم، كان الشيخ جابر يتبنى موقف الإنصاف والعدالة، ويؤكد على دعم الكويت الثابت لجهود الصين في صيانة وحدة البلاد وسلامة أراضيها، والدعم الثابت لسياسة الصين الواحدة واستعادة مقعد الصين الشرعي في الأمم المتحدة في وقت مبكر، معربا عن الحرص على إقامة العلاقات الديبلوماسية مع الصين في المستقبل القريب.
وبالإضافة إلى ذلك، قام الشيخ جابر الصباح أيضا بالتوقيع على اتفاقية للمساعدات الاقتصادية مع الصين، وبذلك أصبحت الكويت أول دولة خليجية تقدم المساعدات الاقتصادية للصين.
وإلى جانب الفعاليات الرسمية، زار الشيخ جابر سور الصين العظيم بحماسة وأعجب به (الصورة الثالثة).
إن زيارة الشيخ جابر أطلقت مسيرة الصداقة الصينية ـ الكويتية لما لها من أهمية بارزة في إقامة العلاقات الديبلوماسية وتطوير التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية وإلخ.
وبعد 6 سنوات، أقامت الصين والكويت العلاقات الديبلوماسية بينهما رسميا، وأصبحت الكويت أول دولة عربية في الخليج تقوم بتبادل التمثيل الديبلوماسي مع الصين. ومنذ ذلك الوقت، ظلت علاقاتهما تتطور بسرعة، وتسجل قصص التواصل الودي بين البلدين باستمرار.