«هذا فصل محزن من تاريخنا، يذكرنا بأن الديموقراطية هشة ويجب دائما الدفاع عنها».. هذا هو تعليق الرئيس بايدن على عدم إدانة ترامب في المحاكمة الأخيرة التي واجهها ترامب كرئيس سابق، وهذا التعليق قد أثار انتباهي لأن الاعتراف بالحقيقة والمصارحة هي أولى الخطوات للمواجهة، فها هي أعتى ديموقراطية في العالم يعترف رئيسها أنها ديموقراطية هشة، وأنه يسهل اختراقها، ومهاجمتها، ومن ثم يجب الدفاع عنها، وهنا يتضح كما يعلم الكثيرون، أنه لا يوجد نظام سياسي مثالي، فالأنظمة السياسية هي أنظمة وضعية تشوبها أخطاء البشر، ويتم تطويرها وفقا لهذه الأخطاء والتعلم منها وضمان عدم تكرارها.
ومن يقرأ التصريح الخاص ببايدن يرى أنه ينطبق علينا في الكويت إلى حد بعيد، فالقضية ليست فقط في النظام السياسي المتبع، بل في طريقة تطبيقه وفعاليته في تحقيق مصالح المواطنين، والدولة على وجه العموم، وهو ما يقودنا إلى القول إن الصراع الحالي غير مبرر، ولا يفضي لجديد في ظل هذا التضارب والتناحر السياسي.
فالاختلاف حول وجهات النظر أمر مقبول، والاختلافات بين الاتجاهات السياسية أمر كذلك له مبرره ومنطقه، لكن المشكلة في الكويت أن الأمور تحولت إلى أمور شخصانية لا أكثر من ذلك، باختصار «أشخاص لا يريدون أشخاصا»، وأحوال البلاد والعباد متوقفة نتيجة لهذه الصراعات التي لا يعلم عواقبها ونتائجها السلبية إلا الله، لذا فقد وجدت من واجبي أن أوجه نداء للجميع، وهي صرخة مستغيث وخائف على هذا الوطن، لأن ما يحدث الآن من خلافات وصراعات، يذكرني بالخلافات والصراعات ما قبل الغزو، والتي شغلت جميع الطوائف بالصراعات الداخلية والمناوشات السياسية، فكان الضعف في تغطية الجبهة الخارجية، وأنا لا أذكر هنا بما حدث من باب الفأل السيئ، خاصة ونحن في شهر أعياد التحرير- وإنما من باب أن من لا يتعلم من دروس وأخطاء التاريخ كتب عليه أن يظل طفلا، قد يكون هو من أول الغارقين حين يأتي الطوفان.
نهاية القول أنه لا يوجد نظام سياسي لا يتعرض لأزمات ومشكلات، المهم هو تقديم الصالح العام على المصالح الشخصية، حتى لا يضيع أو يغرق الجميع، وأعتقد أننا جميعا في حاجة لتقديم الصالح العام، وأرجو من السادة النواب أن يعلموا جيدا مع من يكون صراعهم، وما هو هدفهم، وكيف يمكن تأدية دورهم، فأنتم ممثلون للشعب، لكن ليس لتصفية الحسابات، والعاقبة عندنا وعندكم في الانعقاد وليس في التوقفات!