بعد طرد مناصري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من أتباع نظريات المؤامرة وتزوير الانتخابات، وفرضية تفوق العرق الأبيض، من المنصات الإلكترونية الكبرى في الولايات المتحدة، انكفأوا إلى شبكات أكثر سرية يصعب ضبطها، فباتوا يستخدمون غاب بدل تويتر، وميوي بدل فيسبوك وتطبيق تلغرام لتبادل الرسائل النصية، وتطبيق ديسكورد للدردشة الخاص بمحبي الألعاب.
وأوضح نيك باكوفيتش الباحث في شركة «لوجيكلي إيه آي» المتخصصة في التضليل الإعلامي على الإنترنت أن «أنصار ترامب الأكثر تطرفا كان لهم بالأساس حضور راسخ على المنصات البديلة»، مضيفا أن «فيسبوك وتويتر كانا بطيئين جدا في التحرك، وهذا ما أتاح للمؤثرين إعادة بناء جمهورهم بشكل شبه متواصل بدون انقطاع».
وبعد اقتحام مئات من أنصار ترامب مبنى الكونغرس وما واكب الهجوم من أعمال شغب دامية، اتخذت شبكات التواصل الاجتماعي الرئيسة تدابير بحق الرئيس المتهم بالتحريض والمجموعات التي نظمت التحرك مثل «حراس القسم» و«شبان فخورون».
فكثفت فيسبوك عمليات التطهير ضد المجموعات المسلحة، ما أدى إلى إقصاء نحو 900 منها، فيما حظرت تويتر بشكل نهائي الرئيس السابق وألغت سبعين ألف حساب على ارتباط بحركة «كيو آنون» التي كان أتباعها يؤكدون أن ترامب سينقذ العالم من النخب الفاسدة والمتحرشين جنسيا بالأطفال.
وقال رئيس جمعية «كومن سينس ميديا» جيم ستاير «هذه استراتيجية تأتي بنتيجة. انظروا إلى ترامب بدون تويتر، خسر مذياعه، ولم تعد رسائله تلقى أصداء».
لكن ملايين المتطرفين لايزالون صامدين يرفضون الرضوخ، برأي خبراء يخشون أن تؤدي الرقابة إلى التوحيد بين أفراد ذوي توجهات شديدة الاختلاف ظاهريا.
وأوضح أليكس غولدنبرغ من معهد الأبحاث «نيتوورك كونتيجن ريسيرتش إينستيتوت» المتخصص أيضا في التضليل الإعلامي على الإنترنت، «تجدون في صفوف كيو أنون ناشطين مسلحين وجمهوريين تقليديين وربات منزل وأستاذ اليوغا الذي تتبعون دروسه... أشخاص كانوا لايزالون على مسافة من المجموعات النازية أو أتباع نظرية تفوق البيض. لكنهم الآن بدأوا ينصهرون ضمن المجموعات ذاتها، لم يعد لديهم أي مكان آخر يقصدونه».
ويتجمع المقصيون من مواقع التواصل تحت رايات أخرى أبرزها الحركة المناهضة للقاحات. وتتناقل مجموعات تضم عشرات الآلاف من أنصار ترامب على تطبيق تلغرام للرسائل المشفرة شائعات كاذبة عن «لقاحات لخفض عدد السكان»، بين شتيمة توجه للرئيس جو بايدن وتهجم على المهاجرين.
لكن إن كان الإقصاء من مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى حد من قدرة الحركات المتطرفة على تجنيد أتباع على نطاق واسع، فإن النار لاتزال مشتعلة تحت الرماد.
ففي نهاية يناير، قامت مجموعة من المتظاهرين بقطع عمليات التلقيح ضد كوفيد-19 في ملعب رياضي في لوس أنجيليس هو من أكبر المواقع المخصصة لحملة التطعيم في أميركا.
وازدادت شعبية شبكتي غاب وميوي الشبيهتين بفيسبوك أيضا، في أعقاب الهجوم، وقال أليكس غولدنبرغ إنهما تلقيا إقبالا خصوصا بين المستخدمين الذين يحتاجون إلى التعبير عن إحباطهم.
وأكد أحد مستخدمي غاب يعرف باسم «آي لوف جيسوس كرايست 123» في تعليق على بيان للرئيس السابق تم تناقله على الشبكة «لم تكن هناك جائحة عام 2020.
تم استخدام الإنفلونزا لتدمير الاقتصاد وسرقة الانتخابات» من دونالد ترامب. وتطبيق تلغرام مؤات لتنظيم تحركات من خلال مجموعات خاصة تستفيد من تشفير الرسائل. أما أنصار الأسلحة النارية، فيلتقون على منتدى «ماي ميليشيا.كوم».