اليوم الجمعة 26 فبراير 2021 قد مضى على التحرير منذ الغزو العراقي الغاشم، 30 عاما بالتمام والكمال، 30 عاما مليئة بالأحداث الجسام ومزدحمة بأمور سلبية وأخرى أكثر سلبية.
أنا بكل أسف لا أرى أي أمور إيجابية أو أي بوادر تشير إلى اننا بعد هذه السنين قد تعلمنا شيئا، فالبلد من سيئ إلى أسوأ واللامبالاة متفشية بشكل عصف بكل ما كان جميلا وإيجابيا بهذا البلد.
***
نظرتي لحالة الغزو والتحرير لم تكن على وتيرة واحدة وإدراك محدد ووعي محدود طيلة هذه الثلاثين عاما، بل تباينت بشكل او بآخر وخاصة بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، واتضحت لي حقائق كثيرة وأتيح لي هامش أكبر من المعرفة ورؤية أوسع واتسع أفقي وبعد نظري كثيرا منذ ذلك الحين.
رأيت المشهد بشكل أكثر دقة وكما لم أكن أراه سابقا، قرأت كثيرا عن صراعات دول الاستعمار والاستكبار العالمي بعد معاهدة سايكس بيكو وخاصة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية أدركت حقيقة الرغبة الأميركية المتوحشة لوراثة الاستعمار القديم بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية قوية وخروج بريطانيا وفرنسا مدمرتين حتى ان الحكومة الفرنسية لم تستطع ان تعقد اجتماعاتها في بلدها لشدة الدمار وكان أول اجتماع لها بعد الحرب في الجزائر التي لاتزل مستعمرة لها آنذاك.
تقصيت كل تفاصيل الصراع (الأنجلو - أميركي) منذ العدوان الثلاثي على مصر ومسبباته وتبعاته وحتى الغزو العراقي للكويت.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى تجمعت لدي استدلالات كثيرة حول الصراع (الأميركي - الفرنسي) منذ الصراع في الجزائر وحتى إرسال الخميني إلى إيران من قبل فرنسا «ودعمها» لثورته مرورا بتدخلاتها في بلاد الشام.
واطلعت كذلك على وثائق كثيرة تفضح العمل الاستخباراتي الأميركي في (الشرق الأوسط) كصنع الانقلابات وإدارة الحروب بين البلدان وإثارة القلاقل هنا وهناك بواسطة سفرائها وجواسيسها، كالسفير الشهير جيفرسون كافري والجاسوس الأشهر كيم روزفلت بالإضافة لضباط مخابراتها والحكومات الوظيفية.
***
هذه الحصيلة المعلوماتية هي التي جعلتني أتيقن بشكل كامل ان جميع ما مر بنا وخاصة الغزو العراقي للكويت ما هو إلا جملة ضمن عناوين وسياقات فرض الهيمنة الأميركية في المنطقة ونقل ملكية وتبعية مستعمرات بريطانيا وفرنسا لها بواسطة عملائها كالمقبور صدام حسين وأشباهه ممن يعتبرون من أبناء هذه الأمة.
***
هذه الاستنتاجات وما يدعمها من تحليلات ومعلومات ووثائق هي التي ألهمتني كتابة كتاب لي تحت الطبع حاليا، عنوانه (اثنين أغسطس الذي عرفت لاحقا)، والذي سينشر قريبا بإذن الله وبه شرح مفصل لكل ما ذكر أعلاه وأمور أخرى اكثر تبيانا لعربدة الغرب في بلادنا لا يتسع المجال لذكرها الآن.
***
هذا بشكل عام ودولي، ولكن بشكل خاص وعلى المستوى المحلي بعد مرور 30 عاما ماذا تعلمنا كدولة وكشعب؟! ماذا أعددنا لمثل هذه الأحداث واحتمال تكرارها، وما الخطوات التي اتخذناها احترازا ووقاية، عدا مهرجان هلا فبراير؟ لازلنا لا نملك لجنة تحقيق برلمانية لما حدث بالغزو وناقلاتنا واستثماراتنا الخارجية لم نعرف حتى تاريخه من سرقها تحديدا.
hammad_alnomsy@
[email protected]