من أجمل التشبيهات التي سمعتها عن النظرة العاطفية للأمور، هو أنه عندما تقول الزوجة لزوجها إنها لم تر معه يوما جميلا، وهو ما لا تقصده الزوجة حرفيا، إنما هي النظرة العاطفية التي تنطلق منها في حالتها النفسية الحالية، الممزوجة بالعواطف والمعاناة من المشاكل التراكمية التي قد لا يكون للزوج دور فيه، إنما هي مجرد تفريغ لشحنات الغضب، والنظرة العاطفية جعلتها تلغي كل شيء جميل مع زوجها، وتتذكر كل قبيح.
العاطفة لها دور كبير في التفاعلات الاجتماعية بالوطن العربي، فحتى الربيع العربي الذي بدأ بأن قامت شرطية بضرب رجل على وجهه فحرق نفسه، رفضت العاطفة العربية أن تقوم سيدة بضرب رجل مظلوم، ثم أحرق نفسه قهرا، فوصل مستوى التعاطف لمنتهاه، وبدأ الربيع العربي على أساس عاطفي، لأن الظلم وعدم وجود العدالة الاجتماعية كانا موجودين قبل الحادثة بعشرات السنين، ولكن الحادث العاطفي وحده فجّر هذه التراكمات، ومعروف أنك لا تستطيع أن تأخذ شيئا بسيطا من العربي بالقوة، ولكن تقدر أن تأخذ حتى ملابسه عن طريق العاطفة.
إذن، العاطفة لها دور كبير في كل شيء، وخصوصا السياسية التي تكاد تسيطر عليها، وهذا واضح في التفاعلات السياسية الكويتية، فتعاطف المجتمع مع أي فرد كفيل بأن يوصله لقبة البرلمان، حتى لو كان الشخص لا يحمل المقومات العلمية والسياسية، فثقافة (الفزعة) التي لها إيجابيات جميلة، تدل على طيبة وحب المساعدة لدى الفرد الكويتي، ولكن لها سلبيات بأن تستخدم أحيانا من غير حق، فتضيع الحقوق أحيانا تحت مسمى الفزعة.
في الآونة الأخيرة يلاحظ على المشهد الكويتي عدم احترام وانتهاك لهذه العاطفة الاجتماعية من قبل الحكومة، وأعتقد أن هذا أحد أهم الأسباب للاحتقان السياسي الحاصل، فتغير التوجه من المصادمة بشكل صريح مع عاطفة المجتمع أصبح ضرورة، وتطويع هذه العاطفة حتى يتحقق الاستقرار الاجتماعي، وهذا من صميم العمل السياسي.