المعارضة تعني الممانعة أو الرفض وفي مفهومها السياسي مجموعة من الأفراد يختلفون مع الحكومة وغير موالين لها على المدى الطويل وتحاول الضغط عليها وأن تحل محلها في بعض الأنظمة.
في نظامنا الديموقراطي، لابد من وجود المعارضة في العملية السياسية سواء كانت داخل البرلمان أو خارجه من خلال جماعات ضغط وشخصيات أو أفراد مستقلين، لا يمكن انتقاد الحكومة دائما أو المعارضة بصورة مطلقة بل هي عملية تحددها أولا مصلحة المواطنين الخاضعين لقرارات التقارب والتباعد فيما بينهم.
والأمر الطبيعي أن الحكومة تأتي ببرنامج عملها والبرلمان يراقب تنفيذه ويصوب الأخطاء ويقوم العمل للجانب التنفيذي.
وكلما توافقت القرارات الحكومية مع المعارضة ابتعدنا عن التشنج في الحياة السياسية والتأزيم والتصعيد.
ولا يعني استحواذ المعارض على رأي غالبية أعضاء مجلس الأمة سيادة الأمر لهم بالقوة، ومن حق الحكومة برئيسها إعلان عدم التعاون معها إذا لزم الأمر.
إن مصطلح المعارضة بحد ذاته لا يدل على جماعة سيئة، لكن خروج المعارضة عن المسارات المحددة لها في إطار التشريع والدستور وتواجدها في الشارع وممارستها أساليب مثل حشد جماعات وتأجيج الأمن والاستقرار بالبلد سيؤدي بها إلى طريق فرض عقوبات وقيود للقوانين التي يتجاوزونها، فكما ترغب المعارضة في دفع الحكومة إلى احترام إرادة الأمة وصلاحيات النواب وفق الدستور والقانون عليها هي أيضا أن تحترم هذا القانون.
وفي السنوات الماضية ليست ببعيدة تخلت المعارضة عن استكمال دورها داخل البرلمان باستخدام أسلوب المسيرات غير القانونية وحتى دخول المجلس في قضية ما يسمى «اقتحام المجلس» واستخدام لغة التصعيد في الخطاب السياسي وحتى الإساءة للقيادة العليا وقتها، فكلفهم ذلك محاسبتهم بالقانون ووقوع الأحكام على عدد منهم بالسجن وخروج بعضهم سنوات طويلة خارج البلاد حتى الآن، جعلهم في وضع لا يحسدون عليه، فمنهم من عاد معتذرا وتم الإعفاء عنه.
لكي لا يتكرر هذا المشهد يجب استيعاب الدرس جيدا، فلغة التصعيد قد تغيب العقل وتكرر نفس الأحداث المؤسفة.
وبعد شهر من استخدام صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله، صلاحياته وسلطته بتفعيل المادة 106 من الدستور بتأجيل اجتماعات مجلس الأمة لمدة شهر، وصدور حكم المحكمة الدستورية بإسقاط عضوية النائب بدر الداهوم، صدر «بيان للأمة» موقعا من 34 نائبا تضامنا مع الداهوم كرد فعل.
هذه المعطيات ستزيد من الاحتقان بين السلطتين، وتنتظر الحكومة الثالثة لسمو الشيخ صباح الخالد أن تقسم أمام المجلس ومع إعلانها عن نيتها الجادة بحمل العديد من القضايا المهمة في أول جلسة وتتوافق مع مطالبات المعارضين للحكومة، ستكون المرحلة القادمة مرهونة بمدى الإيمان بالمكتسبات الدستورية واللوائح والأحكام القضائية وتحكيم المنطق بالمضي معا نحو مرحلة تحقيق التقدم والإنجازات وتشريع القوانين.
كما يجب أن تقف المعارضة عن تمزيق النسيج البرلماني وأن تحترم رأي من لم ينضموا لها وفقا لقناعاته، فهم أيضا لديهم رأي معارض للحكومة في القضايا المختلفة ولا حاجة لهم بتبرير مواقفهم، ويجب ألا تمارس هي أيضا ما تسميه الإقصاء الحكومي وتطبقه على النواب المستقلين عنها.
٭ في الختام: كل الاحتمالات واردة، لكن من الحماقة أن يعيد التاريخ نفسه بأن يرتكب أشخاص مختلفون «تحت مسمى المعارضة» نفس الجرم، ما يتسبب في إقصاء المعارضة ومحاكمة أفرادها والوصول بجماعات منها خاصة الشباب إلى ما لا تحمد عقباه.
٭ بالمختصر: أخطاء المعارضة قد تكون أشد ضررا من التخبط الحكومي.
٭ رسالة: مطلب العفو الخاص أو الشامل تختلف المعارضة في تفسيرها له وتصنيف من يخضع له ومن يكون خارجه، فالمعارضة الصادقة لا تنتقي الحق لمواطنين دون غيرهم، وهذا مثال واضح على تعطيل المعارضة لمطالبها بنفسها. ودمتم بخير.