أحيانا تكون الأمور بديهية وواضحة أمام أعيننا، لكننا ببساطة لا ندركها ولا نفهمها، وهذا أدق وصف للواقع الذي نعيشه اليوم، فالبعض يركز على الصغائر، والصراعات والخلافات، والبعض ينهش في لحم أخيه، والبعض يسعى للتأزيم، وهو ما يكشف الجبهة الخارجية ويضعفها ويجعلنا عرضة للمطامع التي لم ولن تتوقف في أرضنا الغالية، والتي تمثل لنا القلعة والحصن، اسما وصفة، لكننا بدل أن نبادلها الرعاية والحماية، نجد من الناس من يهتم بمصالحه وأهدافه الخاصة على حساب كل شيء، فماذا ستملكون يا سادة إن فقدتم الحصن والحماية والقلعة التي تؤوينا وتؤويكم، اعتبروا وتدبروا يا أولي العقول والأبصار!
ندرّس أولادنا في المدرسة أن الكويت هي تصغير لكلمة الكوت، وتعني القلعة التي يحوطها سور وخندق، وقد سميت بذلك نسبة إلى القلعة التي بناها ابن عريعر لحماة الأراضي الكويتية، ومع وضوح المعنى الذي نعلمه لأولادنا للبصر والبصيرة أن الكويت هي القلعة والحصن، إلا أن البعض يتناسون هذا الأمر، ويخربون القلعة من الداخل، ويفسدون فيها، ويعيثون في الأرض فسادا، وكأنهم دون أن يدرون يخربون بيوتهم بأيديهم، والعياذ بالله، فهل من متدبر يا سادة، والله لن يبقى لكم مكان في الأرض يؤويكم ويحميكم مثل الكويت، فمن خرج من داره قل مقداره، ووقتها لن ينفعكم الفرار، فاعتبروا يا أولي العقول والأبصار.
ندرس أولادنا في المدرسة حب الوطن، والتضحية من أجله، ونجعلها مبادئ وأسسا في حياتهم، فإذا كبروا وجدوا قلة من الناس ترى أن الأرض أرضهم وحدهم، وأن الوطن إقطاعية خاصة بهم، وأنهم من حقهم أن يتصرفوا فيه كيف شاءوا ومتى شاءوا، لكنهم غافلون عن أن الوطن أكبر منهم ومن أطماعهم، وأن الكل زائل وأن الوطن هو الباقي.
نعلم أولادنا في المدارس القيم والأخلاق والأمانة والصدق، فإذا كبروا وجدوا بعض من يطلقون على أنفسهم الساسة يفعلون الأفاعيل، ويروجون الأباطيل ويتشدقون بلحن القول والكلام المعسول عن حب الوطن ورد الجميل، وهم بعيدون كل البعد عن مكارم الأخلاق والطبع الكويتي الأصيل.
نردد على أسماع أولادنا كل يوم في المدارس، «وطني الكويت سلمت للمجد»، فإذا فطنوا وجدوا قلة من الناس يسعون لمجدهم الشخصي على حساب أمن الوطن وسلامته، وهم لا يدرون أنه إذا ضاع الحصن وسقطت القلعة، فلا مجد لهم ولا ذكر ولا يحزنون، فإنهم فانون، والوطن باق، فهل يعقلون أو يتدبرون؟!
انتهيت من بديهيات ومسلمات نعلّمها لأولانا، وإن كنا في حاجة ماسة لأن نعود إليها ونتمسك بها، فالكويت هي من تحمينا وتؤوينا، فلا تتركوا المجال لكل حاقد وحاسد وشامت فينا، وتدبروا الاسم والرسم تجدون الكويت هي قلعة الأمان لمستقبلنا وحاضرنا وماضينا.
كلنا ثقة بحكمة صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وعضده سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، وكلنا يقين بأن الكويت ولادة وبها الكثير من العقلاء وأصحاب الكفاءات لأن يكون لهم دورهم في هذه الفترة للتدخل ومنع أي انزلاق نحو الفوضى، كي تسير سفينة اليامال على خطى أسلافنا الكرام يا كرام، فالبلد تعب ونحن هرمنا.