من أبرز الأخلاقيات التي تنعكس على الفرد احترامه لقيمة الوقت، فقد ذكرت أهمية الوقت في القرآن الكريم بمواضع كثيرة وبعبارات مختلفة في القرآن الكريم منها: (الدهر – الحين – الآن – الأجل – الأحد – السرمد – العصر...)، والتي لها علاقة بالكون، والبعض الآخر بالإنسان من حيث نمط حياته وعيشته وعبادته وسلوكياته العامة.
يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم )- « النور- 58»، فالآية فيها توجيه إلى أهمية الوقت في تنشئة الأبناء عليها من خلال الاستئذان في الدخول على والديهما في الأوقات الثلاث المذكورة بالآية.
فالوقت هو عمر الإنسان وقيمة وجودة في الحياة، ولأهميته كذلك قد أقسم الله عز وجل به في مواضع كثيرة، منها، لقوله تعالى: (والضحى والليل إذا سجى) «الضحى، 1-2»، وكذلك لقوله تعالى: (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى) «الليل: 1-5»، حيث أقسم الله بالليل والنهار، وسعي بني آدم من ذكر وأنثى في تلك الأوقات مختلف، كل على شاكلته، وقوله تعالى: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) «العصر: 1-3»، وقوله: (والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر) «الفجر، 1-4».
ومن خلال الآيات السابقة نستشف أهمية الوقت للإنسان في تنظيم أعماله وأخلاقه وسلوكياته العامة وعباداته، كما حكمة الله في خلق الوقت لتنظيم الحياة من حيث الحسابات والعد لمعرفة الزمن والأشهر والسنوات...إلخ، والتي تكفل للإنسان إعمار الأرض وتحقيق الغاية السامية من وراءها ألا وهي عبادة الله عز وجل، لقوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) «النساء: 103».
كذلك قيمة الوقت قد جعلها الله عز وجل نظاما من أجل معرفة مواقيت الصلاة وشهر الصيام وموعد الإفطار والحج والكثير من العبادات، لقوله تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون) «البقر: 189»، وتعني الأهلة (من هلال) أي التقويم الإسلامي بالأشهر القمرية، فإذا هل الهلال عرف الناس دخول الشهر وخروج الشهر، فإذا كمل اثنا عشر شهرا مضت السنة وهكذا، ليعرف الناس بذلك حجهم وصومهم ومواقيت ديونهم وعدد نسائهم، وغير ذلك من مصالحهم.
كذلك وقت كل من الليل والنهار وأهميتهما في قوله تعالى: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) «الفرقان: 62»، وقوله تعالى: (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا) «الإسراء: 12»، كما قوله تعالى: (وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا) «النبأ: 10-11»، وبذلك اختصر أهمية الوقت ودوره في النظام الكوني على وجه العموم، والإنساني على وجه الخصوص.
family_sciences@