تناولنا بالمقالة السابقة الإطار القانوني الذي ينظم قواعد تعيين رئيس وقياديي ديوان المحاسبة وسائر موظفيه الفنيين وغيرهم من الموظفين، والقواعد التي تحدد استحقاقاتهم المالية الوظيفية، وفي هذه المقالة سوف نوضح ما يميز الديوان عن غيره من الجهات الحكومية بشأن شؤون موظفيه.
فقد نص قانون ديوان المحاسبة وفقا للمادة (47): «تنشأ بالديوان لجنة عليا يكون لها في شؤون موظفي الديوان الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح لمجلس الوزراء، ولديوان الموظفين في شؤون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين، وتؤلف هذه اللجنة من: 1 ـ رئيس ديوان المحاسبة ـ رئيسا، 2 ـ رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الأمة، 3 ـ رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الأمة، 4 ـ رئيس إدارة الفتوى والتشريع، 5 ـ رئيس ديوان الموظفين، 6 ـ وكيل ديوان المحاسبة،...».
والآن، ما حقيقة خصوصية ديوان المحاسبة في شأن شؤون موظفيه استنادا إلى أحكام المادة (47) المشار إليها؟
يستفاد من النصوص التي تم الإشارة إليها في هذه المقالة والمقالة السابقة الأحكام التي تنظم شئون التوظف بديوان المحاسبة، والتي تسري على الوظائف القيادية والوظائف الأخرى الفنية وغير الفنية، كما يستفاد من النصوص القانونية بعض الخصوصية التي منحها المشرع لديوان المحاسبة والمتعلقة بشؤون التوظف، وعلى وجه التحديد ما نصت عليه المادة (47) من أحكام تتعلق باختصاصات اللجنة العليا بالديوان، والتي ترتكز إلى جانبين أساسيين وهما:
٭ للجنة في شؤون موظفي الديوان الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح لمجلس الوزراء في شؤون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين.
٭ للجنة في شؤون موظفي الديوان الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح لديوان الموظفين في شؤون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين.
ففيما يتعلق بصلاحيات مجلس الوزراء في شؤون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين والتي تخولها القوانين واللوائح له، فبالاطلاع على اختصاصات مجلس الوزراء بموجب اللائحة الداخلية لمجلس الوزراء التي صدرت بجلسته رقم (48/63) المنعقدة بتاريخ 11/11/1963، فقد ورد ضمن تلك الاختصاصات إصدار القرارات الاستثنائية في التعيينات والترقيات ومد الخدمة وتقرير المعاش أو المكافأة والفصل غير التأديبي، وكل قرار استثنائي جعل القانون سلطة الاستثناء فيه لمجلس الوزراء.
فعلى الرغم من ان تلك الاختصاصات لم تصدر بقانون أو مرسوم، فبرأيي أن مثل هذا الاختصاص الصادر بقرار مجلس الوزراء لن يكون بالقوة القانونية للقوانين المنظمة لشؤون التوظف بالدولة، وذلك استنادا للمادة (155) من الدستور والتي نصت على ان ينظم القانون شؤون المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت التي تقرر على خزانة الدولة.
وفيما يتعلق بصلاحيات ديوان الموظفين التي تخولها القوانين واللوائح لديوان الموظفين في شؤون التوظف بالنسبة لسائر موظفي الدولة المدنيين، فإن ديوان الخدمة المدنية (ديوان الموظفين سابقا) لا يملك من الصلاحيات التي تتعلق بشؤون التوظف إلا في حدود المرسوم بقانون (15) لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية، والمرسوم الصادر في 4 أبريل 1979 في شأن الخدمة المدنية، خاصة ان المرسوم بقانون المشار إليه قد أنشئ في أحكامه مجلسا للخدمة المدنية، والذي حدد فيه اختصاصاته والتي تختلف عن اختصاصات ديوان الخدمة المدنية.
baderalhammad.com