الشواهد على تأثير اللغات في فكر المجتمع الذي يتحدث بها كثيرة، وهناك العديد من البحوث التي تؤيد هذا الموضوع، ومن الأمثلة الواضحة هي لغة الأبورجيون (سكان أستراليا الأصليون) فعندما يصفون الطريق لأحد، يستخدمون الاتجاهات الأربعة، فيقول اذهب شمالا ثم اتجه جنوبا ستجد مكانك المقصود، وبسبب هذه اللغة، يكون الناطق بالأبورجيونية على دراية تامة بالاتجاهات أينما كان متواجدا. مثال آخر، اللغة الروسية التي تحتوي على كلمات كثيرة تصف اللون الأزرق، تجعل الروس أكثر مقدرة على تمييز اللون الأزرق الفاتح والغامق، عن غيرهم ممن يستخدمون لغة لا تميز اللون الأزرق.
من هذا الباب، تعتبر اليابانية اللغة الوحيدة في العالم التي تستخدم فصي العقل، وذلك لأنها تحتوي على ثلاثة أنواع من الأحرف، منها نوعان صوتيان لا يحملان معنى وتتم قراءتهما في الفص الأيمن، ونوع آخر عبارة عن رموز (الكانجي) تتم قراءتها بالفص الأيسر من العقل الذي يعالج الرسوم، فالياباني كلما قرأ يستخدم كل عقله، وهذا دون شك له تأثير على تطوير العقل، والرموز لها تأثير آخر مهم، وهو تطوير ملكة الحفظ، فالطفل الياباني ملزم بأن يحفظ كتابة 1006 رموز وقراءتها بكل القراءات المختلفة قبل أن يكمل 12 سنة، وعند بلوغه 18 يجب أن يحفظ 2136 رمزا، والرقم الفعلي للرموز يقارب 50 ألف رمز والبقية يدرسه المتخصصون.
اللغة اليابانية لا تحتوي على الزمن المستقبل، ويستعاض عنه باستخدام الفعل المضارع، فالياباني يقول (أذهب للسوق غدا)، بينما يقول ناطق العربية (سوف أذهب للسوق غدا)، وحسب أوراق بحثية في جامعة ييل الأميركية تفيد بأن اللغات التي لا تحتوي على المستقبل يقل لدى ناطقيها بشكل كبير تسويف الأعمال، لأنهم ينظرون للمستقبل كأنه حاضر، وهذا أنتج أنهم يدخرون 30% من الناطقين باللغات التي تحتوي على المستقبل، وفي الجانب الصحي وممارسة الرياضة فهم محافظون بشكل أكثر بشكل ملحوظ لنفس السبب.