كيف تتكون الأجسام المضادة وتتشكل المناعة؟
يمتلئ الكون من حولنا بالأشكال غير المرئية من المخلوقات والتي نسميها جراثيم، فهي موجودة في الهواء، في الماء، في التراب وحتى في الطعام.
والعديد من هذه الجراثيم غير مــؤذ للإنـــسان، لا بل قد يكون مفيدا للإنسان في حالات كثيرة، ولكن بعضها الآخر قد يتسبب في الإصابة بالأمراض.
وقد يكون جسم الإنسان مزودا بالعديد من الأسلحة الطبيعية لمواجهة هجمات الجراثيم المؤذية.
من ذلك مثلا - ان العصارات الهضمية وكذلك الدم يقومان بقتل العديد منها، إلا ان أنواعا معينة من هذه الجراثيم قد تدخل الى الجسم وتبدأ بالعمل.
وهنا تأتي الخلايا البيضاء الحية في الدم، حيث يكون باستطاعة هذه الخلايا العبور من خلال جدران الأوعية الدموية الدقيقة في التحرك في كل أنحاء الجسم.
ومن ثم تبدأ بالتجمع عند نقطة معينة تسمى «نقطة الهجوم» لتبدأ عملها في تدمير الجراثيم عن طريق التهامها.
إلا ان المرض قد لا يكون نتيجة لهجوم مباشر من الجراثيم، بل قد تقوم هذه الجراثيم بطرح مادة كيميائية سامة في الجسم. وهنا يستعد الجسم لبناء نظام دفاعي جديد.
إن السم الذي تفرزه الجراثيم يدفع خلايا معينة في الجسم إلى إنتاج مادة تعمل على تدميره.
وإذا استطاعت هذه الخلايا فرز الكمية الكافية من هذا المضاد وبالسرعة الممكنة فإن ذلك سيؤدي الى عزل هذا السم وبالتالي إلى سلامة الجسم.
يبقى هذا «المضاد» في الدم لفترة بعد التخلص من السموم.
فإذا ما حصل أي هجوم جرثومي آخر أدى الى ظهور السم مرة اخرى، فبدلا ان نصاب بالمرض، فإننا لا نشعر بذلك مطلقا! والسبب في ذلك هو ان أجسامنا لديها المقاومة المسبقة لهذا المرض - أي الاستعداد الدائم «لمضادات الأجسام».
ونسمّي هذه الحالة «المناعة المكتسبة». وهي تسمّى بذلك لأن مقاومتنا للمرض جاءت بعد حصول الهجوم الأصلي أو الأول للجراثيم.
فلو حصل اننا تعرضنا لهجوم جراثيم تقوم بفرز سمومها في جهازنا، ولم نصب بالمرض المعين الذي تسببه، فذلك لأن الدم لديه مايكفي من المضادات لمواجهة السم المعين. ونسمّي هذا مناعة طبيعية، وهي نوعية الدم الذي حصلنا عليه بالوراثة.
أما إذا قمنا بإدخال كمية ضئيلة من السم الى الدم فسوف يدفع بالدم الى إنتاج المضاد لمنع المرض. وهذا ما نسميه المناعة الاصطناعية.
من كتاب: قل لي كيف؟ ومتى؟ ـ ترجمة وتعريب: محمد فرحات