- الجيران: الإسلام ربط بين العبادة والخُلق وحذّر من سوء الأخلاق
- الشطي: من غايات الصوم تحقيق التقوى ولا يتم إلا إذا حسُن خلق المسلم مع الناس
إعداد: ليلى الشافعي
قال الله تعالى: (يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، فالصيام يعود المسلم الصائم على تقوى الله تعالى، وقد جعل الله سبحانه وتعالى الصوم مهذبا لأخلاق الصائم وضابطا لمشاعره وانفعالاته تمثلا في قوله صلى الله عليه وسلم: «الصوم جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم».
وحول أهمية حسن الخلق للصائم وغير الصائم يحدثنا علماء الشرع عن ذلك:
يقول د.عبدالرحمن الجيران: الصيام عبادة من العبادات التي جمعت كل الفضائل، وقد شرعه الله تعالى ليهذب الأرواح ويزكيها ويغرس فيها زكاتها كي تعتاد على فعل الخيرات واجتناب المنكرات، والصوم جُنة ووقاية بين الإنسان والحرام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أصبح صائما فلا يجهل وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه وليقل إني صائم»، أي أن المسلم لا يصوم فقط عن الأكل والشرب، إنما تصوم جوارحه عن الفواحش ويمسك لسانه عن قول البهتان، ويبتعد عن الغيبة والنميمة، من اجل المحافظة على صيامه، قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، وطالب د.الجيران كل مسلم ومسلمة في هذا الشهر الفضيل بالمحافظة على صيامه، وليحذر من سوء الخلق فإنه ينقص أجره وثوابه، ولن يخرج من رمضان كيوم ولدته أمه.
الخلق الحسن عبادة
وأضاف: الإسلام ربط بين العبادة والخلق، فالصائم مثلا الذي اطلق لسانه في أعراض الناس، وأرسل بصره للمحرمات، بل وتعدى إلى أكثر من ذلك وتطاول على اموال الناس فأكلها بالغش وخان أمانته، فإنه لم ولن يستفيد من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر، ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ويكفي أن نعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم».
التقوى
ويضيف د.بسام الشطي، لافتا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب فإن سابه أحدا أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم» (صحيح مسلم).
والصيام من غاياته العظمى تحقيق التقوى التي لا تتم عند المسلم إلا إذا حسن خلقه مع الناس. وعندما سأل سعد بن هشام بن عامر عائشة رضي الله عنها فقال: قلت: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول الله، قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم القرآن» رواه مسلم. أي انه يعمل به ويقف عند حدوده ويتأدب بآدابه ويعتبر بأمثاله وقصصه ويتدبره ويحسن تلاوته.
وأشار د.الشطي إلى قول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: «إن الصيام هو لجام المتقين، وجنة المحاربين، ورياضة الأبرار المقربين، وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال، فإن الصائم لا يفعل شيئا وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها إيثارا لمحبة الله ومرضاته، وهو سر ـ أي الصيام ـ بين العبد وربه لا يطلع عليه سواه، والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطلع عليه الخلق وذلك حقيقة الصوم.