شهر رمضان كريم بالأجور العظيمة، فهو شهر مخصوص بالسنة من أجل إعادة تنظيم شؤون المؤمن الحياتية، من الناحية الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والصحية والعقلية، فالإنسان من طبيعته يتعطش للدعم المادي والمعنوي، حيث إن الله عز وجل عنى بالفرد من الناحية المادية والمعنوية، وذلك من خلال الأجر والحسنات مقابل العمل الصالح والتوفيق في تيسير الأمور مقابل العزيمة والصبر.
فمن الناحية الاجتماعية: حيث من أعمال شهر رمضان صلة الأرحام وذوي القربى والمعارف من الناس بالتواصل وبالتبريكات في هذا الشهر الكريم، فيكفل الإسلام للمؤمن محبته بين الناس وتجديد تواصله ووده تجاهه وتجاه الآخرين، إلى جانب استحباب ذكر الأيتام والمساكين والفقراء من الناس بوصلهم والسؤال عنهم.
أما الناحية النفسية: فرمضان شهر عبادة ـ والعبادة الحقة تكفل للفرد التخفيف من ضغوطات الحياة وصخبها ـ والتي زادت بعصرنا الحالي نتيجة الترف، وكما نوهت سلفا أن الترف ليست له علاقة بالمستوى المادي، وإنما الانفتاح الكبير اليوم والتكنولوجيا سريعة الإنتاجية قد جعلت للحياة متطلبات تخدم الترف، ففي شهر رمضان تحث العبادة به على الرجوع للبساطة بدل الابتذال والتكلف والمغالاة في السلوكيات التي تتبعها الغالبية من الناس، على سبيل المثال: التجهيزات الرمضانية من ملابس وكماليات منزلية وأطباق للسفرة ونقصة رمضان - والتي أصبحت تأخذ شكلا ترفيا وتباهيا أكبر من أن تكون سدا للحاجات ومناجاة المحبة بين الأفراد بعيدا عن البذخ والإسراف، فعندما يعيش المؤمن شهر ينعم به بالبساطة وإيقاف جميع الأعمال للتفرغ للعبادة الحقة من صلاة وقراءة قرآن والبعد عن المنكرات والشهوات واغلاق الباب أمام كل فتنة من الممكن أن تغير النفوس وتجرها للشهوات وعليها يتم الصراع النفسي والتكلف في الجهد والمال في تحقيقها.
ـ أما من الناحية الاقتصادية: ففي رمضان تستحب الصدقة إلى جانب تطهير الأموال بإخراج الزكاة للفقراء والمحتاجين - فبها تطهير للنفس من الذنوب والأمراض سواء كانت أمراض جسدية أم نفسية إلى جانب طرح البركة في رزق المؤمن وعمره.
ـ أما من الناحية الصحية: لا شك أن رمضان يكفل الصحة الجسدية للمؤمن بشكل كبير ـ فهو إعادة تدوير لصحة المؤمن من خلال الصيام، راجع عزيزي القارئ مقال (جنه ووقاية)، هذا إلى جانب الفوائد المنعكسة على الصحة النفسية للمؤمن، فشهر رمضان يعزز مقومات الصحة النفسية ألا وهي الراحة والأمن والاستقرار والهدوء النفسي.
ـ وأخيرا من الناحية العقلية: فشهر رمضان يكفل للمؤمن صفاء الذهن الذي يعزز الصحة العقلية من خلال تدبر القرآن والخشوع في الصلاة، فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن ذلك يؤدي إلى تنظيف الخلايا من ذاكرة أو طباع سيئة ـ إلى طباع حسنة وإيجابية.
family_sciences@