لم تكن جائحة كورونا أول وباء يصيب البشرية ولا آخر جائحة تنتشر في العالم، فالأحاديث تكثر عن خطر أوبئة أخرى قادمة آخرها الحديث عن فيروس نيباه.
فنحن كأفراد نسمع الكثير من الأخبار والأقاويل، والتنظيرات والتحاليل، والمهم في خضم ما يدار في الإعلام في كثير من الأحيان من غير دليل، أن نعرف كيف نحمي أنفسنا من هذه الأوبئة التي أصبحت تتداول بكثير من التأويل.
أحببت أن أذكر في هذا المقال نصائح عامة لأفراد المجتمع أذكر فيها نفسي وغيري بكيفية الوقاية وتقليل المخاطر الناتجة عن هذه الأوبئة، وألخصها بتغيير عاداتنا اليومية التي تؤثر على صحتنا في المجالات الستة التالية:
أولا، النظام الغذائي. علينا مراقبة كل ما نأكل في كل حين وزمان، ونبتعد عن الأغذية المصنعة والمعدلة وراثيا قدر الإمكان.
يجب أن يكون النظام الغذائي الخاص بنا غنيا بالفواكه والخضراوات والأسماك والحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات وغيرها من الأطعمة الطبيعية.
والتقليل من كل ما هو مصنع من الحلويات، والفطائر والمعجنات، والوجبات السريعة والمقليات، والمشروبات الغازية والمنكهات.
سبحان الله نحن مجتمعات نلبس أحسن الماركات، نركب أغلى السيارات، ونشتري أحدث الموبيلات، ونضع في منازلنا أحسن الديكورات، ولكن نملأ بطوننا بأسوأ المأكولات.
قال نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» رواه الترمذي.
ثانيا، الرياضة والنشاط البدني. فوائد الرياضة والنشاط البدني أكثر من أن تحصى. فهي تزيد من الطاقة والقدرة على التحمل، وتحسن من أداء الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والنشاط القلبي، وتساعد على خفض ضغط الدم، بالإضافة للحد بشكل كبير من القلق والتوتر، وغيرها من الفوائد الكثيرة.
فاحرص على جعل لك برنامجا يوميا من الرياضة، وابتعد عن الكسل، وقم بممارستك للنشاطات اليومية، وغير نمط حياتك الذي يغلب عليه الخمول.
اترك الجلوس الطويل في بيتك، ولا تنشغل بالتلفون والتلفاز عما ينفعك، أخدم نفسك بنفسك، ولا تعتمد على غيرك، واخرج للمشي وتعرض للشمس ولو لوحدك، لتكسب فيتامين (د) دون أن تصرف ما في جيبك، في النهاية هذه صحتك وحياتك، فاستدرك ما فاتك.
فهذا نبينا ـ صلى الله عليه وسلم، كان يخدم نفسه بنفسه، كان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويرفع دلوه، ويحلب شاته، ويساعد زوجه، ويخدم أهله، ويعمل بيده، بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
ثالثا: النوم الكافي والمنضبط. حاول أن تحصل على قدر كافٍ من النوم من سبع إلى تسع ساعات يوميا بوقت ثابت من الليل في غرفة مظلمة ومريحة خالية من الأجهزة الالكترونية.
فالنوم المنضبط والاستيقاظ المبكر يتوافق مع إفراز هرمون الميلاتونين (Melatonin) الذي يزيد المناعة الجسدية ويقي أيضا من الأمراض النفسية. حيث لوحظ أن انخفاض إفراز هرمون الميلاتونين يؤدي الى اضطرابات الجهاز المناعي.
فهذا الهرمون يفرز ليلا لكي يساعد الإنسان على النوم، ويتوقف الجسم عن إنتاجه نهارا مع ضوء الشمس حتى يمكنه من الاستيقاظ وممارسة أعماله ونشاطاته. قال سبحانه (وجعلنا نومكم سباتا (9) وجعلنا الليل لباسا (10) وجعلنا النهار معاشا (11)) (النبأ).
رابعا: النظافة الشخصية. تساعد النظافة على الحد من التعرض لمجموعة من الأمراض وكذلك نقلها للآخرين. يشمل ذلك نظافة اليدين بغسلهما جيدا بالماء والصابون أو بالمطهر الكحولي.
وكذلك الحرص على تغطية الفم والأنف بالمنديل الورقي أو بالمرفق عند السعال والعطس، مع التخلص من المنديل بعد ذلك مباشرة، ومن ثم غسل اليدين. تجنب لمس العين أو الأنف أو الفم وخاصة إذا كانت اليد ملوثة.
نحن معشر المسلمين يجب ألا نعاني من هذا الأمر فديننا دين النظافة والطهارة، وهي سلوك إسلامي، وعبادة نتقرب بها إلى ربنا، وهي شطر الإيمان. قال رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم «الطهور شطر الإيمان...» رواه مسلم.
خامسا: الممارسات الوقائية. تجنب الأماكن المزدحمة قدر المستطاع، وفي حال الحاجة للخروج للخارج فيجب لبس الكمام. قم بتحضير الطعام بالمنزل، وفي حال الأكل خارج المنزل أحرص على اختيار الأطعمة المطهية بدرجة حرارة مناسبة خاصة مع اللحوم والدواجن. تجنب مشاركة أدواتك الشخصية مع الآخرين حتى أكواب الشرب أو أدوات الطعام.
اتبع جميع الارشادات من الجهات الصحية الرسمية ولا تلتفت للإشاعات. البقاء في المنزل إذا ظهرت عليك علامات المرض. تجنب السفر وقت حدوث الوباء الا للضرورة.
قال نبينا ـ صلى الله عليه وسلم «إذا سمعتم به (يعني: الطاعون) بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه» روى البخاري ومسلم.
سادسا: المناعة الشخصية. من المعلوم أن الأشخاص ذوي المناعة المنخفضة أكثر عرضة للإصابة بالفيروسات، لذلك نرى أن معظم ضحايا كورنا من كبار السن.
نحن بحاجة إلى جهاز مناعة قوي لمحاربة الأمراض المعدية. نحتاج لرفع مناعتنا الشخصية عن طريق اتباع النصائح السابقة من التغذية الصحية المتوازنة وممارسة الرياضة والنشاط البدني، والنوم الكافي والمنضبط.
بالإضافة للمحافظة على الصحة الجسدية، يجب كذلك المحافظة على الصحة العقلية والراحة الذهنية والنفسية، عن طريق الترابط الاجتماعي، والابتعاد عن الهموم وتجنب كل ما يسبب التوتر والاكتئاب.
تجنب الإجهاد الذهني والجسدي فهما ليس صديقان لجهازك المناعي. احرص دائما على أخذ قسط من الراحة.
احرص على أن تحتوي وجبتك اليومية على بعض الأطعمة التي تعزز من المناعة الطبيعية، كالثوم والبصل، والروب والرمان، والقرع والشوفان، والشاي الأخضر وغيرها.
على الرغم من بساطة هذه النصائح على مسامع الآذان، ولكن لها تأثير كبير على صحة الإنسان، وعلى الوقاية من الأوبئة بإذن الرحمن، وتحسين جودة الحياة اليومية للكبار والشبان، والعيش بحيوية واطمئنان، فلنتمسك بها قدر الإمكان، لتقليل المخاطر الناتجة من الأوبئة في كل مكان وزمان، وبالنهاية الحافظ الرحمن، من ان توكلت عليه رزقت الأمن والأمان.