أفرزت الانتخابات النيابية الكويتية الأخيرة أغلبية نيابية متوحدة على أهداف شعبية لا يمكن أن تحيد عنها، ومنها العفو الشامل عن المُدانين في القضايا السياسية وقضايا الرأي، وتعديل قانون المرئي والمسموع وقانون الجرائم الإلكترونية، وتعديل قانون الانتخاب.
وفي خضم هذا التوتر السياسي بين الأغلبية والحكومة الجديدة برئاسة سمو الشيخ صباح الخالد حول تلك القوانين وعدم إبداء رأي حاسم، ازداد التوتر ووصل أشده خلال التصويت في انتخابات رئاسة المجلس، وبعدها جاءت قضية إبطال عضوية النائب د.بدر الداهوم، بخلاف رأي الأغلبية التي طالبت بالتصويت على إسقاط العضوية لوجود حكمين قضائيين متعارضين حسب رأيهم.
ونتيجة لكل ما سبق، تحول التوتر السياسي والمفاوضات حول القوانين المطروحة إلى معركة مصيرية ووجودية بين الأغلبية البرلمانية والحكومة ورئيسها، وأصبح هدف الأغلبية الرئيسي هو إسقاط الحكومة عن طريق استجواب رئيسها لتتمكن من رفع كتاب عدم التعاون مع الحكومة، وبما أن الأغلبية البرلمانية لديها العدد المطلوب لتحقيق ذلك، استخدمت الحكومة بعض الثغرات في الدستور واللائحة الداخلية لتتحالف مع الأقلية البرلمانية وتطلب تأجيل استجواب رئيسها إلى نهاية دور الانعقاد الثاني (عام ونصف العام)!
في كل الأحوال هناك أغلبية برلمانية تسطيع بل استطاعت أن تعطل جلسات البرلمان ومهاجمة الحكومة ورئيسها في البرلمان وخارجه، ما خلق جوا سياسيا لا يمكن استمراره.
ختاماً، لا يستقيم مع الدستور ومبادئ الديموقراطية أن تتواجد أغلبية معارضة برلمانية تصل إلى 60% من النواب المنتخبين (30 نائبا من 50) ويتم تجاهل مطالبها الأساسية أو أهدافها التي طرأت بسبب إجراءات الحكومة التي تراها تلك الأغلبية أنها تتنافى مع الدستور والإرادة الشعبية التي تمثلها دستورا وواقعيا!
الخلاصة: حل الأزمة السياسية الحالية يمكن بالرجوع إلى مسبباتها الأصلية وهي القوانين الشعبية التي تبنتها الأغلبية البرلمانية، والتي لابد من الوصول إلى حلول وسط فيها، أما حل البرلمان فلن يجدي نفعا، فمن المؤكد أن المعارضة ستعود بمقاعد برلمانية أكثر وبمطالب عديدة وإشكالات سياسية أكثر تعقيدا.