بقلم د.العنود إبراهيم دعيج الصباح
نحتفل اليوم بمرور 50 عاما على بدء العلاقات الديبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والكويت، وتأتي هذه المناسبة في ظل ظروف استثنائية يمر بها العالم بسبب جائحة كورونا التي أثبتت أهمية استمرار هذا التعاون بين البلدين، لاسيما التعاون الطبي، فالعالم اليوم بات، يعتمد اعتمادا كبيرا على قطاع التصنيع الطبي الصيني، كما يعتمد عددا كبيرا على اللقاحات الصينية في سياستها لتوفير المساعدات الطبية كجزء من ديبلوماسيتها الثقافية العامة او ما يسمى باستراتيجية القوة الناعمة.
ويندرج التعاون الطبي بين جمهورية الصين الشعبية والكويت تحت الديبلوماسية الثقافية الصينية في الشرق الأوسط، فبدأت بإرسال فرق طبية لترويج الطب الصيني والعلاج البديل والوخز بالإبر والتدليك.. إلخ الى الجزائر، وذلك في عام 1963، واتبعتها السودان وتونس في السبعينيات من القرن الماضي، أما بخصوص الكويت فهي أول دولة خليجية تنشئ علاقات ديبلوماسية مع الصين، فقد بدأ التعاون الطبي بين البلدين في عام 1973 من خلال زيارة أول وفد طبي والذي ترأسه السيد يين دينغ فان، وقد قام هذا الوفد بزيارة عدة مستشفيات كويتية وتبادل الخبرات مع الأطباء في الكويت.
كما تمت دعوة وفد طبي كويتي لزيارة الصين خلال تلك الزيارة وهو ما حصل لاحقا في العام نفسه، حيث زار وفد طبي كويتي برئاسة د.نوري الكاظمي - رحمه الله - والذي كان يشغل مدير إدارة الطب الوقائي بوزارة الصحة آنذاك، والتقى الوفد مسؤولين عن الإدارة المختصة والأطباء والاخصائيين في العاصمة بكين بحضور سعادة السفير الكويتي في الصين السيد عبدالحميد البعيجان، فقد أعرب رئيس الوفد عن ارتياحه للزيارة والتعاون الثنائي بين البلدين في هذا المجال.
واستمرت تلك الزيارات، حيث التقى وزير الصحة الكويتي عبدالرحمن العوضي في الكويت الفريق الطبي الصيني برئاسة لي جويبان في ديسمبر من عام 1976 وعقد الجانبان محادثات ودية، وأعربا من خلالها عن أملهما في توطيد الصداقة القائمة بين البلدين والعمل معا من خلال التعاون بين العاملين الصحيين.
وفي مناسبة أخرى، أقام وزير الصحة الكويتي مأدبة عشاء لجميع أفراد الطاقم الطبي الصيني فريق العمل في الكويت في أبريل 1977 تعبيرا عن شكرهم وتقديرهم للفريق الصيني الأول في الكويت.
وفي 16 نوفمبر 1977 وخلال زيارة لوفد من وزارة الصحة الكويتية برئاسة الوزير العوضي إلى الصين أعرب الوفد عن ثقته في مساهمة هذه الزيارات في تبادل الخبرات الطبية بين البلدين وتطوير المعاهد الطبية الثنائية، وزار الوفد خلالها معهد الوخز بالإبر الصينية التقليدية وبعض المواقع التاريخية في الصين.
وفي عام 1980 أجرى وزير الصحة د.العوضي محادثات مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني جي بينغ خلال زيارته إلى الكويت حول دعم الخبراء في العيادات الطبية الصينية في الكويت والتي أطلق عليها اسم التعاون الطبي.
واستقبل سمو أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - رحمه الله - في 20 أكتوبر 1982 معالي وزير الصحة الصيني السيد تسوي يوه لي والذي كان يزور الكويت للتعرف على القطاع الصحي وخاصة مراكز السرطان، إضافة الى التباحث حول مجالات التعاون في المستقبل، كما التقاه في اليوم الثاني سمو الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح - رحمه الله - ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ـ آنذاك ـ للتباحث حول التعاون الصحي، والجدير بالذكر أنه تم توقيع الاتفاقية الثقافية بين البلدين لاحقا في العام نفسه والذي اشتمل على بند التعاون الصحي كأحد جوانب التعاون الثقافي.
ختاما، قامت الصين بإرسال أكثر من 10 فرق طبية بقرابة 200 فرد إلى الكويت منذ 1976، يعملون في مستشفى الطب الطبيعي والتأهيل الصحي بالقسم الذي يهتم بمعالجة المرضى بالطرق التقليدية الصينية، وتعتبر مقاطعة جيلين والتي تقع في شمال شرق الصين رمزا من رموز الصداقة بين الصين والكويت، حيث انها المقاطعة التي جاءت منها جميع الفرق الطبية إلى الكويت منذ 1993.